الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
مقالة خاصة: عدم استقرار الأسواق المالية العالمية يشكل اختبارا حاسما لصناديق الثروة السيادية
بكين 25 يوليو 2012 (شينخوا) بعد انتعاش لم يدم طويلا، شهدت الأسواق المالية العالمية هبوطا مرة أخرى إثر أزمة الديون في أوروبا. وعلى الرغم من أن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة يبعث على التفاؤل قليلا ، إلا أن الحالة في أوروبا ما زالت تتدهور، كما تواجه الأسواق الناشئة بما فيها دول بريكس اختبارا صعبا. وبسبب الاضطرابات في الأسواق المالية العالمية، تراجع أداء صناديق الثروة السيادية الرئيسية بدرجات متفاوتة في العام الماضي.
وفي الآونة الأخيرة، نشر صندوق المعاشات التقاعدية لحكومة النرويج، وصندوق أبو ظبي للاستثمار )جهاز أبوظبي للاستثمار(، وشركة تيماسيك التي تمثل صندوق الثروة السيادية في سنغافورة وغيرها من صناديق الثروة السيادية تقاريرها السنوية حول أدائها في السنة المالية الماضية. ووفقا لهذه التقارير، سجل صندوق المعاشات التقاعدية لحكومة النرويج خسائر قيمتها 15.4 مليار دولار أمريكي ومعدل عائد على الاستثمار قيمته 2.5 في المائة وذلك في عام 2011، فيما سجل في عام 2010 معدل عائد على الاستثمار قدره9.6 في المائة. ويبين التقرير السنوي لعام 2011 لجهاز أبوظبي للاستثمار، وهو أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، أن معدل العائد السنوي لـ20 سنة انخفض من 7.6 في المائة في عام 2010 ليصل إلى 6.9 في المائة في عام 2011. كما انخفض معدل العائد لسنة واحدة لمجموع المساهمين بشركة تيماسيك من 4.6 إلى 1.5 في المائة حتى مارس من السنة المالية الحالية.
--التركيز على الاستثمار الطويل الأجل
وقالت تشيوي ون تشيان المحللة بشركة الاستشارات (زد بن) في مدينة شانغهاي إن اضطرابات الأسواق المالية العالمية هي السبب الرئيسي الذي جعل عائدات الاستثمار لصناديق الثروة السيادية عموما غير مثالية. ولكن صناديق الثروة السيادية مختلفة عن الصناديق المشتركة وصناديق التحوط، إذ إنها لا تواجه ضغوط المدفوعات النقدية على المدى القصير، ومن ثم يمكنها أن تصمد على المدى القصير أمام تقلبات أسعار الأصول وتحقق عائدا على المدى الطويل.
وفي الاجتماع السنوي لصندوق الثروة السيادية لعام 2011، قال النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي جون ليبسكي إن صناديق الثروة السيادية تعتبر شكلا استثماريا على المدى الطويل، لذلك ينبغي إيلاء اهتمام بإستراتيجية الاستثمار طويل الأجل. وذكر كاروانا، المدير العام لبنك التسويات الدولية، أن التوقعات المتعلقة بصناديق الثروة السيادية لابد أن تكون قائمة على أساس المدى الطويل.
وفي الواقع، يبدو أن التركيز على الاستثمار الطويل الأجل هو خيار مشترك لصناديق الثروة السيادية الكبرى. ويرى صندوق المعاشات التقاعدية لحكومة النرويج أن الحفاظ على إستراتيجية طويلة المدى للاستثمار هو سر النجاح في الأسواق المالية المضطربة. وقال مسؤول من وزارة المالية النرويجية في مقابلة أجرتها معه في العام الماضي صحيفة ((سي بي أن)) اليومية التي تصدر في مدينة شانغهاي ، إن الصندوق يحتفظ بنسبة عالية من السيولة النقدية في السوق المفتوحة، لذلك من الطبيعي أن تتقلب عائدات الاستثمار ما بين موجب أوسالب 10 في المائة. وذكر المسؤول "أنه من أجل الحصول على تصديق البرلمان على إستراتيجية الاستثمار في الصندوق على أساس رؤية كاملة وواضحة، شرحنا له في بداية الأمر تلك الإستراتيجية ومخاطرها المحتملة".
كما قالت تيماسيك في تقريرها السنوي "حتى 31 مارس عام 2012، أبرمنا عقود خيار شراء وبيع قيمتها 600 مليون دولار سنغافوري، الأمر الذي يعكس اهتمامنا بعائدات الأوراق المالية ذات الصلة على المدى الطويل".
أما في مجال المحفظة الاستثمارية، أشارت تيماسيك في تقريرها السنوي إلى أنه بالنسبة لأصولها الاستثمارية، فإن 30 في المائة منها في سنغافورة، و42 في المائة منها في آسيا و11 في المائة منها في أمريكا الشمالية وأوروبا. بالنسبة لمجالات الاستثمار، ظلت الخدمات المالية تحتل المرتبة الأولى ولكنها انخفضت من 36 في المائة في السنة المالية 2011 إلى 31 في المائة في السنة المالية 2012، وارتفع الاستثمار في قطاعات الاتصالات ووسائل الإعلام والصناعة التكنولوجية من 22 إلى 24 في المائة.
وكشف التقرير السنوي لصندوق المعاشات التقاعدية لحكومة النرويج أنه حتى نهاية عام 2011، كان 58.7 في المائة من أصوله مستثمرة في الأوراق المالية، و40.9 في المائة في المنتجات المالية ذات الدخل الثابت، و0.3 في المائة في القطاع العقاري.
وحول مناخ الاستثمار في المستقبل، كانت هناك اختلافات في آراء صناديق الثروة السيادية الكبرى. فقد قالت تيماسيك "في الفترة ما بين الأشهر الـ12 والـ24 التالية، سيكون الخطر الاستثماري الذي ينتشر من أوروبا إلى العالم ملحوظا على نحو أكبر. وتشمل المخاطر الأخرى على المدى المتوسط ضعف التعافي الاقتصادي وتزايد عبء الديون الضخمة في الولايات المتحدة فضلا عن التحديات الهيكلية التي تواجه آسيا. وتقيد كل هذه العوامل قدرة النمو المحتمل لآسيا، الأمر الذي قد يزيد من حدة التقلبات في العقد المقبل. ولهذا، أصبحت آفاق النمو المستقبلية أكثر غموضا بشكل عام".
في المقابل، كان المستثمرون العرب على ما يبدو أكثر تفاؤلا . وقال جهاز أبوظبي للاستثمار إنه "على الرغم من أن عام 2011 شهد العديد من الاضطرابات والكوارث غير المتوقعة مثل كارثتي الزلزال وتسونامي في اليابان، إلا أن الأمل لدينا أكبر، ونرى أن أشد المخاطر قد ولت بالفعل".
--شركة الصين للاستثمار تمضي قدما نحو النضج
وتواجه شركة الصين للاستثمار أيضا ضغوطا على المدى القصير فيما يتعلق بتوزيع أصولها في الأسواق المفتوحة العالمية. وفي السنوات الأخيرة، نفذت الشركة تخطيطا أكثر تنوعا للاستثمارات، وأولت اهتماما أكبر بإدارة الاستثمارات والحد من المخاطر. وهذا يشير إلى أنها أصبحت أكثر نضجا وأنها أرست أساسا صلبا لتحقيق عائد طويل الأجل على الاستثمار.
ويوافق هذا العام الذكرى السنوية الخامسة لتأسيس شركة الصين للاستثمار. وعند تسليط الضوء على أداء الشركة في السنوات الخمس الماضية، سنجد أن "الارتباط بالاقتصاد الصيني" ظل خطا رئيسيا في إستراتيجيتها الاستثمارية. وقال محللون إن قطاعي الطاقة والموارد لا يحظيان باهتمام بالغ من صناديق الثروة السيادية الكبرى في العالم فحسب، وإنما يرتبطان ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الكلي الصيني أيضا. لذلك، في المستقبل المنظور، لا تزال شركة الصين للاستثمار تتبع إستراتيجية الاستثمار الطويل المدى وتهتم بـ"فرص الاستثمار المرتبطة بالصين" في الأسواق الدولية.
بيد أنه في العامين الأخيرين، واجه النمو في الاقتصادات الناشئة، بما فيها الصين، تحديات هائلة، وبدأت سحب الأموال من الأصول التي تتعلق بالصين. وقال ليو يوي هوي ، مدير المختبر الرئيسي للعلوم المالية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، إن هناك حاليا اتجاها نحو فك الارتباط بالاقتصاد الصيني في أسواق الأصول الدولية، وبدأت على إثره أسواق رأس المال الأمريكية في السعي لاكتساب قوة دفع من النمو الداخلي في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والاستهلاك في ضوء الضعف الذي شهده أداء صناعات تقليدية مثل المالية والطاقة. ومن ثم، ينبغي على شركة الصين للاستثمار متابعة هذه الاتجاهات الجديدة عن كثب وتعديل إستراتيجيتها المتعلقة بالاستثمار في الوقت المناسب.
وقالت تشيوي ون تشيان إن شركة الصين للاستثمار حافظت في السنوات الأخيرة على ضخ نسبة كبيرة من الاستثمارات في قطاعي الطاقة والموارد، وهذا يعكس ثقتها في اتجاه الاقتصاد الصيني على المدى الطويل. وأردفت قائلة "في الواقع، هناك العديد من الصعوبات التي تقف في طريق توجه شركة الصين للاستثمار إلى الخارج، إذ إن الشركة تحتاج إلى اكتساب الخبرات تدريجيا. ولكنها في المقابل تتمتع بمزايا خاصة من بينها أن لديها فهما أفضل للوضع في الصين. وإذا خرج الاقتصاد العالمي من حالة الركود، ستؤتي تخطيطات الشركة ثمارها".
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |