الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
زلزال اليابان الكارثي يسبب تقلبات للاقتصاد العالمي
بكين 24 مارس 2011 (شينخوا) "ان الاحداث الاخيرة في اليابان مأساة بشرية في المقام الأول، ولكن يتعين على الاسواق ايضا ان تفكر في التداعيات الاقتصادية الخطيرة المحتملة لهذه المأساة"، بهذه الكلمات علق اقتصاديون في مؤسسة امريكية شهيرة على الزلزال الكارثي الذي ضرب اليابان في 11 مارس الجاري بقوة 9 درجات على مقياس ريختر وما تبعه من موجات مد عاتية.
وقال اقتصاديون في مؤسسة ((كابيتال ايكونوميكس)) الامريكية ان اليابان تواجه خطرالتعرض لركود بعد الخسائر البشرية والمالية الفادحة الناجمة عن الزلزال بما قد يؤدي ايضا الى احتمال تعرض الاقتصاد العالمي الهش اصلا الى تقلبات مؤقتة على اقل تقدير.
وحذر البنك الدولي من ان الكارثة المدمرة قد تخل كذلك بسلسلة الامدادات العالمية لاسيما بالنسبة للدول الصناعية وتلك التي تعتمد على السلع الاساسية المستوردة من اليابان وبخاصة في منطقة شرق آسيا، بما قد يخفض معدل النمو الاقتصادي للدول النامية في هذه المنطقة بنسبة 1.5في المائة.
صفعة شديدة للاقتصاد الياباني:
أشار البنك الدولي في تقرير صادر في 21 مارس الجاري الى أن اليابان تكبدت خسائر فادحة تقدر بنحو 235 مليار دولار أمريكي بسبب الزلزال وتسونامي, مضيفا أن عملية إعادة الاعمار قد تستغرق خمسة أعوام.
وقال ديفيد ريا، الاقتصادي الياباني في ((كابيتال ايكونوميكس))، ان "ثمة احتمال بان يتراجع الاقتصاد الياباني - ثالث اكبر اقتصاد في العالم - للربع الاول من العام الجاري بنسبة ربما تصل الى 95 في المائة" على الرغم من ان الزلزال وقع قبل ثلاثة اسابيع فقط من نهاية هذا الربع.
وقالت شركة الاستثمار المالي اليابانية ((نومورا))، الأكبر من نوعها والتي تأسست في عام 1925, في تقرير لها ان الاقتصاد الياباني الذي قد انكمش قبل الزلزال الكارثي يحتاج الى فترة أطول مما هو متوقع للانتعاش .
وأكد مارك زاندي, كبير الاقتصاديين بمؤسسة ((موديز)) للتحاليل الاقتصادية ان "الاقتصاد الياباني يتعرض لمخاطر ركود شديد بسبب الكارثة"، وان "قدرا كبيرا من قطاعات الاقتصاد قد تتعطل على الاقل لعدة اسابيع".
ومن ناحية اخرى هناك من يرى ان الضرر على الاقتصاد الياباني قد يكون مؤقتا ويقدر الاقتصاد على التعافي سريعا.
فقالت شيري كوبر، كبيرة الاقتصاديين في مجموعة ((بي ام او)) المالية، ان اليابان قد تحقق انتعاشة نسبية في النصف الثاني من العام الجاري في وقت يساهم كثيرون مع الحكومة في اعادة بناء الطرق والموانيء والمصانع والمنازل التي تلفت او دمرت تماما. واضافت ان "كل هذه الجهود قد تضيف الى الناتج المحلي الاجمالي في النهاية".
ويرى زاندي انه مع احتمال تعرض الاقتصاد الياباني لركود فان "التداعيات الاقتصادية لمثل هذه الكوارث في الدول المتقدمة تغطيها عادة اموال التأمينات فضلا عن بعض المساعدات الحكومية بما يعادل كمية الضرر او حتى يفوقها".
بيع محتمل لأصول حكومية:
يتوقع محللون اقتصاديون بأن الحكومة اليابانية قد تضطر الى بيع اصول الدولة في العالم من اجل سد التمويل المخصص لاعادة الإعمار بعد الزلزال.
وأشار كارل وينبرغ، الاقتصادي البارز في مؤسسة ((هاي فريكونسي ايكونوميكس)) الامريكية، الى ان اليابان تحتاج الى أموال هائلة لإعادة الإعمار عقب الزلزال, بيد أن الديون الحكومية اليابانية كبيرة والعجز في الميزانية يصل الى 10 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، ما يؤدى الى تراجع الاستثمارات اليابانية خارج البلاد وبيع بعض الموجودات والممتلكات في العالم.
وبالاضافة الى ذلك, قد تبيع بعض شركات التأمين ممتلكاتها لتقديم التعويضات للمتضررين من الخسائر الناتجة عن الزلزال. وهذا سيؤدى الى تقلبات واختلالات في أسواق المال العالمية.
خلل في سلسلة الامدادات العالمية:
تتمتع الصناعة اليابانية بمكانة مهمة في الاقتصاد العالمي وتعد من أهم حلقات سلسلة الامدادات العالمية حيث تنتج الصناعة اليابانية 40 في المائة من الهواتف المحمولة ورقاقات الكمبيوتر. كما تمثل منتجات اشباه الموصلات المصنعة في اليابان خمس الناتج العالمي. بالإضافة الى ان شركة ((تويوتا موتور)) اليابانية تعد أكبر صانع للسيارات في العالم, ومجموعة ((سوني)) اليابانية تقدم منتجات الكترونية لمختلف الدول.
وبما ان الزلزال ادى الى دمار كبير في البنية التحتية بشمال شرق وشرق اليابان - مثل شبكة الكهرباء والطرق والموانئ- واضر بمحطات الطاقة النووية التي تنتج قدرا كبيرا من الكهرباء، تأثر عدد كبير من المصانع هناك ولاسيما مصانع السيارات والبتروكيماويات ومنتجات اشباه الموصلات , الأمر الذي أدى الى تعليق الانتاج او خفضه في معظم الشركات اليابانية.
وفي صناعة السيارات, على سبيل المثال لا الحصر، قررت ((تويوتا موتور)) تعليق انتاج المصانع الـ12 التابعة لها, ما خفض انتاجها بما يدنو من 40 ألف سيارة. كما تم تعليق انتاج مصنعين لشركة ((اوبل)) الالمانية يقعان في المانيا واسبانيا على التوالى - ما يعني خفض انتاج آلاف من السيارات - بسبب عدم الحصول على قطع غيار السيارات اليابانية.
وفي صناعة الالكترونيات, أعلنت شركة ((توشيبا)) في اعقاب الزلزال إغلاق مصنع في اليابان وقالت انها تواجه تهديدات بسبب نقص المواد الخام.
وفي صناعة الطائرات, تأجل تسليم طائرات ركاب من طراز ((بوينغ 787/ دريملاينر)) التي تصنع 35 في المائة من قطع غيارها في اليابان. كما قالت المنظمة الدولية للطيران المدني ان الزلزال في اليابان قد يخفض امدادات وقود الطيران التي تنتج اليابان ما يقرب من 3 في المائة الى 4 في المائة منه.
توقعات بارتفاع التضخم عالميا:
يتوقع خبراء اقتصاديون زيادة الحاجة الى المواد الخام في عموم العالم, ما قد يرفع الأسعار او يزيد التضخم المالي, لأن اليابان كدولة رئيسية موردة للمواد الخام تحتاج الى كمية كبيرة من هذه المواد لإعادة إعمارها وتنميتها عقب الزلزال.
وفي هذا االسياق قال لي شان تسوان, مدير صندوق ((اوبن هيمر)) الاستثماري الأمريكي وهو من أكبر صناديق الاستثمار العشرة في وول ستريت, قال ان "اليابان - ثالث أكبر اقتصاد في العالم - تسعى حاليا لاستئناف امدادات الكهرباء لاعادة البناء لزيادة الحاجة الى الوقود التقليدي مثل النفط الخام والفحم في حالة تراجع انتاج الطاقة النووية الراهن", مشددا على احتمال وقوع ارتفاع في أسعار النفط وزيادة في التخضم المالي العالمي.
وبين من يقلل من شأن تأثير الكارثة اليابانية على الاقتصاد العالمي ومن يرى ان التأثير كبير، يبقى على الاقل ثمة اتفاق بين الغالبية على ان هذه الكارثة، على اقل تقدير، تسبب تقلبات - ولو مؤقتة - في نمو الاقتصاد العالمي الذي خرج لتوه من ازمة مالية عميقة.
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |