الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
المناطق الاقتصادية في الصين تتطور لتتقدم الاصلاحات المستقبلية
بكين 15فبراير 2011 ( شينخوا ) يجني يانغ شان شان ، العامل المهاجر البالغ من العمر 25 عاما ، 3 آلاف يوان شهريا ، ولا يستطيع تحمل نفقات استئجار شقة بغرفة نوم واحدة بالقرب من عمله، ولذلك عليه قضاء ثلاث ساعات يوميا في الحافلة متنقلا بين مكتبه في فوتيان وسكنه في باوآن .
ومع أن المنطقتين تقعان تحت سلطة حكومة مدينة شنتشن ، إلا ان هناك تباينا جذريا بين المباني الشاهقة البراقة والطرق النظيفة في فوتيان وبين الزحام والفوضى في باوآن .
يقول يانغ " فوتيان تتمتع بمرافق عامة أفضل "، مضيفا " أريد أن أنتقل الى هناك ، بيد أن باوآن أرخص بكثير ".
وقد لا يكون عيش حياة مريحة وميسورة حلما بعيد المنال لمئات الآلاف من العمال المهاجرين في شنتشن، إذ صادقت الحكومة المركزية على توسيع منطقة شنتشن الاقتصادية الخاصة، التي كانت محددة سابقا بمساحة 396 كلم مربع ، لتشمل كل أنحاء المدينة في الأول من يوليو هذا العام .
ونتيجة لذلك ، فإن حق التشريع للمنطقة الاقتصادية الخاصة يمكن أن يطبق على كامل المدينة ، ما يسمح للحكومة بدعم البنية التحتية والاقتصاد في منطقتي باوآن ولونغقوان الأقل تطورا .
وفي اليوم نفسه ، خضعت منطقة شيامن الاقتصادية الخاصة، وهي منطقة أخرى على الساحل الشرقي تعد طليعية في سياسات الاصلاحات الاقتصادية والانفتاح في الصين في ثمانينات القرن الماضي ، خضعت أيضا للتوسع لتغطي مدينة شيامن ، ممتدة من 131 كلم مربع الى 1573 كلم مربع .
يقول تشن بياو ، نائب مدير اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب في شنتشن ان التوسع ليس جغرافيا فحسب ، " انه يشير الى نيات الحكومة المركزية لدفع المناطق الاقتصادية الناشئة لتولي مهمات أكثر تنوعا ".
ولفت تشن إلى أنه رغم تطور اقتصاد الصين بشكل لا يضاهى في السنوات الثلاثين الماضية ، إلا ان لديها مشكلات ، وما تزال تمر بمرحلة انتقالية .
ففي شنتشن ، على سبيل المثال ، ارتفع الناتج المحلي الاجمالي من 196 مليون يوان في عام 1979 الى 820 مليار يوان في عام 2009 . وألهمت ظاهرة " انطلاق شنتشن " مدنا في أنحاء البلاد لاستنساخ نموذجها.
وفضلا عن التنمية غير المتوازنة في المناطق المختلفة ، نشأت مشكلات جديدة في المدينة . فهناك قضية العمدة السابق شيو تسونغ هنغ ، الذي أقيل من منصبه في أغسطس لاستغلال نفوذه من أجل تحقيق أرباح لنفسه وللآخرين . ثم هناك 12 من موظفي فوكسكون الشباب الذين هاجروا الى المدينة للعمل ثم انتهى بهم المطاف إلى إزهاق أرواحهم.
ويرى قوه وان دا ، نائب رئيس معهد التنمية الصيني ومقره شنتشن ، ان القضيتين " دليل مقنع " على ان النمو الاقتصادي وحده لايمكن ان يضمن حكومة خدمية وشعورا بالرضا لدى الناس العاديين .
ويقول ان " القضايا الشائكة مثل اتساع فجوة الثروة ، والتنمية غير المتوازنة والعجز في الخدمات العامة ، ينبغي معالجتها في أقرب وقت ممكن ".
كانت " المنطقة الاقتصادية " يوما ما مرادفا لـ " سياسات تفضيلية " إذ سمحت لها الحكومة المركزية باستكشاف واكتساب الخبرات لتتبعها الأمة كلها.
وبعد أن شهدت فوائد في أول أربع مناطق اقتصادية --- شنتشن ، شانتو ، تشوهاي ، وشيامن ، فتحت الصين 14 مدينة أخرى على طول الساحل الشرقي في عام 1984 . وفي عام 1990 فتحت منطقة بودونغ الجديدة في شانغهاي لتكون منطقة اقتصادية جديدة .
وبحلول عام 1992 ، انتقلت استراتيجية الانفتاح الى المناطق الوسطى والغربية . وتم اختيار 34 مدينة أخرى في المناطق الداخلية لاصلاح ملكية المؤسسات المملوكة للدولة .
وفي مراحل الاصلاح المبكرة، كان النمو الاقتصادي هو المهمة الغالبة، ما دفع مسئولي الحكومات المحلية الى وضع سياسات تؤدي الى توسيع الأعمال التجارية .
ويتابع قوه " عند تلك النقطة ، كان مسئولو الحكومة يلعبون دور منظمي الأعمال . حتى ان بعض الاختراقات مثل البيع بالمزاد العلني ونقل حقوق استخدام الأرض كانت مخالفة للدستور حينذاك. لقد كانت الحماسة للاصلاح هائلة ويتعذر كبحها ".
ومع ذلك ، فإن السياسات التفضيلية التي خصصت في السابق للمدن والمناطق الاقتصادية التجريبية أصبحت منتشرة في انحاء البلاد بعد انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 .
يقول تان قانغ ، نائب رئيس مدرسة الحزب للجنة بلدية شنتشن للحزب الشيوعي الصيني " ان الجدل بشأن ضرورة المناطق الاقتصادية احتدم وخبت، بيد أن مسيرة الاصلاح في البلاد لم تتوقف أبدا ".
وبعد عام 2005 ، اختيرت " رؤوس حربة " جديدة للاصلاح ، شملت منطقة بودونغ الجديدة فائقة التكنولوجيا في شانغهاي ، ومنطقة بينهاي الجديدة في تيانجين المتخصصة في الاصلاح المالي ، ومنطقة تشونغتشينغ - تشنغدو الاصلاحية للتنمية المنسقة للمدن والمناطق الريفية . ومنطقة ووهان -تشانغشا -تشوتشو- شيانغتان التجريبية للاقتصاد الصديق للبيئة ومنطقة كاشي الاقتصادية لدفع التنمية في شينجيانغ .
ويضيف تان " مقارنة بالمناطق الاقتصادية السابقة والمدن التجريبية، فإن رؤوس الحربة الجديدة التي قادت الاصلاح جاءت كمدن ، أومقاطعات أو مجموعات أحياء. وتجاوزت مهماتها المجال الاقتصادي الى مجالات اجتماعية أكثر تعقيدا في حين اتسع مغزى الانفتاح من تعزيز الاستثمار الأجنبي والتجارة الى تسهيل تعاون اقليمي أوثق داخل البلاد ".
وتوقع وانغ رونغ ، سكرتير لجنة بلدية شنتشن للحزب الشيوعي الصيني منافسة ضارية بين رؤوس الحربة التي تقود الاصلاح في البلاد .
ومع احتضان شنتشن للذكرى الثلاثين لتأسيس أول منطقة اقتصادية في الصين ، يقول وانغ ان بإمكان المدينة الاستمرار في الاضطلاع بدور في المضي قدما بإعادة الهيكلة السياسية والاجتماعية للبلاد .
وبهدف تطوير مدينة عصرية دولية على غرار هونغ كونغ وسنغافورة ، يأمل قادة شنتشن في أن تكون قدوة لبناء مجتمع تقدمي وديمقراطي ومنفتح.
ورغم أن خطط الاصلاح التفصيلية ما تزال قيد النقاش والبحث ، إلا ان مؤسسات الفكر والرأي المقربة من السلطة المحلية لديها آمال كبيرة بمستقبل الاصلاح في شنتشن.
يقول قوه " اذا ما نظرت الى مستقبل الصين ، يتعين عليك دراسة نموذج شنتشن إذ أن كثيرا من المشكلات التي تتعامل معها المدينة قد تظهر في مكان آخر ".
وبتسجيل الناتج المحلي الإجمالي للفرد 13ألف دولار أمريكي في العام الماضي ، تطورت شنتشن الى اقتصاد متقدم . لكن النمو بعيد كل البعد عن الكفاءة والقوة . وتظهر أرقام رسمية ان الناتج المحلي الاجمالي للمدينة يعادل فقط نصف نظيره لهونغ كونغ، بيد ان عدد سكانها ومساحة أراضيها تبلغ الضعف .
وأفاد وانغ رونغ بأن المهمة الأساسية والوشيكة التي تواجهها شنتشن هي التمدن أو تنمية المدن . ومع تدفق مزيد من الصينيين الى المدن ، يجب على الحكومة السعي وراء تحسين قدراتهم وتحسين كفاءة استخدام الأراضي والطاقة والموارد الأخرى ، وإلا فلن تكون الصين قادرة على مواصلة تنميتها السريعة .
وأشار قوه وان دا الى أن الحكومة تحتاج أيضا الى جعل المدن مريحة عن طريق توسيع الديمقراطية على المستوى القاعدي ، والتشجيع على مسئولية عامة أكبر ، وتعزيز الشفافية في الشئون الحكومية .
واستطرد قائلا " ان الاقتصاد الصيني المزدهر سيؤدي بكل تأكيد الى نمو انفجاري للطبقة الوسطى "، مضيفا " عندما يأتي هذا اليوم ، سيكون الناس أكثر ادراكا لحقوقهم ، ويطالبون ببناء اقتصاد سوقي مكفول بحكم القانون، ويعبرون عن آراء فردية أكثر تنوعا ".
وأثناء زيارته الى شنتشن في أغسطس الفائت ، قال رئيس مجلس الدولة ون جيا باو ان الابتكار يجب أن يستمر ليكون " الروح والحياة " لرواد الاصلاح في البلاد .
وأضاف " على الصين أن تدفع ليس فقط بإعادة الهيكلة الاقتصادية ، بل أيضا بإعادة الهيكلة السياسية . وبدون حماية إعادة الهيكلة السياسية، قد تفقد الصين ماحققته بالفعل عبر إعادة الهيكلة الاقتصادية وقد لا يمكن بلوغ أهداف حملتها للتحديث ".
شبكة الصين / 15 فبراير 2011 /
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |