نحو أولمبياد 2008 > أخبار
في مقال بصحيفة "الأهرام": رسالة ألعاب بكين‏..‏ التناغم بين الأمم والشعوب

نشرت صحيفة "الأهرام" المصرية في 12 أغسطس الجاري مقالا للـدكتور أنور عبد الملك بعنوان "رسالة ألعاب بكين‏..‏ التناغم بين الأمم والشعوب" استعرض فيه مغزي ومعاني شعار أولمبياد بكين" عالم واحد، حلم واحد". واستهل الدكتور عبد الملك مقاله بحديث الرئيس الصيني هو جين تاو في حفل افتتاح دورة بكين الأولمبية التي انطلقت تضيء سماء بكين وقلوب شعوب العالم مساء يوم الجمعة ‏8‏ اغسطس‏2008، الذي قال فيه إن العالم لم يحتج إلى التفاهم المتبادل والتسامح والتعاون المتبادل قدر ما يحتاج إليه اليوم.

وقال الدكتور عبد الملك إن الألعاب الأولمبية تحدد مراحل مهمة في تاريخ الألعاب الرياضية وكذا في العلاقات بين الشعوب والأمم‏، وما كانت هذه الدورة الكبرى في بكين ثالث الدورات علي أرض الشرق في عصر نهضته بعد طوكيو ‏1963، ثم سيول عاصمة كوريا الجنوبية عام ‏1988‏ لتتخلف عن المشكلات بعد أن ضرب الزلزال والفيضانات في سيتشوان قلب القارة الصينية بشكل لم يشهده التاريخ منذ ستين عاما هذا بينما ارتفعت لهجة الحملات وحدتها‏،‏ وبعد فشل حملة التبت‏،‏ تكالبت الدول الغربية في اتهام الصين‏، ومن بعدها الهند بأنها المسئولة عن ارتفاع أسعار الطاقة وأزمة الغذاء‏، وغير ذلك من النكبات التي انهالت علي عالمنا في عصر الحروب الإجرامية منذ ‏2003‏، المهم أن نركز هنا علي أفكار وتساؤلات طرحها العديد من المعنيين بتغيير العالم في مطلع مرحلة صياغة العالم الجديد‏، وكلهم من أنصار وشركاء الصين الصاعدة‏.

 

مغزي ومعني شعار"عالم واحد، حلم واحد"

وتساءل كاتب المقال عماذا تعني الصين بشعار "عالم واحد حلم واحد"؟ وأجاب بأن المقطع الأول من الشعار أي ــ عالم واحد ــ لا غبار عليه فهو مفهوم بمعني انه لا إقصاء في العالم الجديد لقطاعات تسمي مبدأ من أطلقوا عليها‏، كما فعل ويفعل أصحاب منطق الاحتقار بأنها عالم ثان أو عالم ثالث أو جنوب ــ وكأنها على هامش التاريخ أو بضاعة وضعها فوق البيعة‏،‏ أو خارج دائرة الفعل‏،‏ وشعار العالم الواحد يعني‏:‏ أن جميع الشعوب والثقافات والدول شريكة في إبقاء هذا الكوكب وتطويره وجني ثمار التنمية في عالم يسوده السلام‏.‏

ولكن السؤال ينصب علي المقطع الثاني‏:‏ حلم واحد كيف يمكن أن نفهم هذا الحلم الواحد؟

ومضي الدكتور عبد الملك يقول في مقاله إن نقطة البدء لديه هي الرؤية،‏ أو التوجه السياسي العام الذي تنادي به الصين‏، ومعها العديد من الدول النامية في القارات الثلاث في نداء يواجه صمت دول المركز‏، أي دول حلف الاطلطني حول دولة الهيمنة الأمريكية المنحدرة‏،‏ إنما هي ‏:‏ عالم جديد متعدد الأقطاب والمراكز والثقافات‏.‏ وعلي هذا النحو نستطيع أن ندرك معنى فكرة حلم واحد بأنها تعني أو تستطيع أن تعني الجمع بين مجموعة من الأفكار والتطورات والرؤى التي كلها تندرج في دائرة التعايش السلمي والتمسك بالأمن والنظام العالمي ومبادئ

حقوق الإنسان والشعوب والأمم‏.‏

وأضاف الكاتب متسائلا لماذا اتجهت القيادة الصينية إلي رفع واختيار هذا الشعار الحنون اللطيف شعارا للدورة الأولمبية كلها؟ ثم كيف يمكن الجمع بين هذا الشعار وبين الشعار الذي بدأ ينتشر في أرجاء الصين كلها منذ سنوات ألا وهو شعار التناغم؟ ويجيب الكاتب بأن البحث قليلا عن الأصول يدل علي أن الانتقال من مرحلة الثورة التحريرية بقيادة الرئيس ماو تسي تونغ إلي مرحلة الانفتاح بقيادة دنغ شياو بنغ منذ ربيع ‏1978‏ أحدث فراغا واهتزازا من الناحية الأيدلوجية وبوجه عام علي الساحة الفكرية والمعنوية دون جدال وان شعار اقتصاد السوق الاشتراكي أو اقتصاد السوق بخصوصية صينية ربما يصلح لوصف العملية الاقتصادية‏،‏ ولكنه لا يقدم بديلا عن حلم الاشتراكية خاصة بعد أن طبعه الرئيس ماو بطابع حضاري إيذانا بمرحلة جديدة في تاريخ العالم‏..‏ وكان طبيعيا أن يتجه الجيل الثالث من القيادة بزعامة جيانغ تسه مين إلي التنقيب عن هذا وقد تأكد هذا البحث مع الجيل الرابع بزعامة الرئيس الحالي للدولة والحزب هو جينتاو‏.‏

 

اختلاف جذري بين ديمقراطية الطراز الغربي والشرق الحضاري الصاعد

وأوضح الدكتور عبد الملك أن التوجه العام للعديد من المفكرين والدارسين والمعلقين الذين تناولوا فلسفة الكنفوشية في عصرنا هو أن هناك اختلافا جذريا بين التوجه إلى الديمقراطية الليبرالية من الطراز الغربي التي تعم دول المركز الغربي حتى الآن وبين العالم الجديد الصاعد خاصة الشرق الحضاري‏.‏

وقال الكاتب إن معني التقدم إلى دولة من نوع جديد‏، دولة التناغم المجتمعي بين جماهير الشعب والقيادة السياسية‏، بدءا من تجديد الفلسفة الحضارية الكنفوشية‏، هو ان تحديد الكونفوشية وصياغتها في قالب الفلسفة السياسية يعني ان الشرق الحضاري في قطاعه الأوسع‏،‏ أي دائرة شرق آسيا‏،‏ يتجه بشكل أكيد ليس فقط إلى الطفرة الاقتصادية الخارقة والتي لم يعرفها التاريخ من قبل‏، وإنما إلى مقام الدائرة العظمي المركزية الصاعدة في النظام العالمي‏،‏ ومن هنا فإن جوهر صعود الصين السلمي يكمن في أنها تقدم نمطا من التنظيم السياسي والمجتمعي، وكذا الفلسفة المواكبة التي تختلف في الجوهر عن الفلسفة الليبرالية الديمقراطية الغربية .

 

الأحلام لا تتحقق إلا بكفاح الشعوب

واختتم الدكتور عبد الملك مقاله قائلا إن إشراقة سماء بكين يوم الجمعة ‏8‏ أغسطس إيذانا بافتتاح دورة الألعاب الأوليمبية تفتح الطريق أمام توجيه جديد بالنسبة لغالبية المعمورة‏،‏ توجه التناغم المجتمعي توجه تعايش العالم الجديد في سلام يجمع بين الأقطاب والمركز والثقافات علي تنوعها‏، هل تعني حقيقة أننا أمام مشارف عالم جديد يمكن أن تعرف فيه الشعوب مذاق حياة جديدة؟ أم أنها مجرد شعارات؟‏...‏ إن الشعارات... والأحلام لا تتحقق إلا بكفاح الشعوب، بالتصميم والإرادة والبذل والتضحية، الجديد في الأمر‏:‏ إننا لسنا وحدنا، اللهم إلا إذا اختار البعض تجاهل إشراقة السماء ورسالة التضامن التي تأتينا من الشرق الشقيق‏..‏

 

شبكة الصين / 22 أغسطس 2008 /

 
من نحن | اتصال بنا | Newsletter | RSS | خريطة الموقع
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000