ربط المفكر المصري الكبير الدكتور أنور عبد الملك بين افتتاح دورة بكين للألعاب الأولمبية وقيم الحوار الحضاري. المفكر الكبير الذي يعد واحدًا من أكبر المفكرين الليبراليين المستقلين في مصر، والمعروف برؤيته الداعية إلى الشراكة بين الدول الإسلامية والصين لدعم تعددية قطبية في النظام الدولي، قال في مقاله الأسبوعي بصحيفة "الأهرام" المصرية، تحت عنوان "عالم واحد.. حلم واحد":
حديث التواصل بين المحيط والمتوسط عبر الخليج لم يكن في فراغ ، فنحن نتقدم يوما بعد يوم، إلي افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بكين يوم الجمعة 8 أغسطس 2008، في لحظة من التاريخ يشعر الجميع إيجابا أو سلبا بأن العالم يتغير وأننا أمام مرحلة جديدة تماما لم تتحدد معالمها بوضوح حتي الآن، وإن كان الشعور الغالب، الصريح أو الدفين، أنها تشهد صعود الشرق إلي مكانة الصدارة في صياغة تاريخ العالم الجديد. وكان مؤتمر باندونغ أول اجتماع لرؤساء وشعوب كبري دول ودوائر الشرق الحضاري اجتمعوا في لحظة تأجج الحركات الوطنية ونجاح ثورات التحرير في أبريل 1955 في باندونغ بإندونيسيا وأعلنوا من هناك مبادئ خالدة للاستقلال والتعايش السلمي والتعاون وعدم الاعتداء واحترام القيم والحضارات والاستقلال والتنمية المشتركة هي الآن بمثابة المعاني الطالعة أمامنا في لحظة تغير العالم وصياغة العالم الجديد . وكان لمصرنا آنذاك دور رئيسي في هذا الاجتماع، إذ كان جمال عبد الناصر الشاب أكثر من لفت أنظار رئيس وزراء الصين المخضرم شو آن لاي الذي اعتبر هذا الشاب ـ الذي لم يتحدث كثيرا إنما كان دائم الكتابة والتدوين والتساؤل ـ أبرز من كان في هذا الاجتماع حسب شهادة الحضور.
معني هذا أننا، بدءا من باندونغ وعلي هدي من مبادئها، كنا في قلب وطليعة صحوة شعوب ومجتمعات وثقافات ودول الشرق في إطار الحضارة الجامعة بينهم، ليس كدول جنوب وإنما كدول ومجتمعات وشعوب الشرق الحضاري بمعني الكلمة.
* قال صاحبي متأملا:
علي هامش التاريخ؟ يعني أن حكاية الاعتراف بالآخر كانت محاولة لإبعادنا عن التعامل مع الآخر الواقعي؟ أم ماذا؟.. ثم أسألك: ما هي مناسبة هذا كله. وقد أوشكنا أن نتجه معا إلي نقلة افتتاح الألعاب الأولمبية في بكين يوم 8 أغسطس القادم؟ ثم فجأة أراك توجه الحديث إلي حوار الحضارات والأديان وما شابه ذلك... إيه الحكاية؟ أفصح أفصح!.
ـ نعم: نتجه إلي افتتاح: الألعاب الأولمبية في بكين يوم 8 أغسطس القادم إن شاء الله والبهجة والانبهار والسعادة تملأ قلوبنا. أخيرا تهبط الألعاب الأولمبية إلي عاصمة كبري، بل وعلي العاصمة الكبري الأولي في الشرق الحضاري لأول مرة منذ نشأتها. وليس غريبا ما شهدناه من أزمة مفتعلة في منطقة التبت كان توقيتها يهدف إلي تعبئة الرأي العام العالمي ضد الصين، انتهي موضوع التبت تدريجيا بعد أن أدرك أعلام الفكر ـ من أمثال المفكر السلوفاكي زيزبك ـ أن العملية جاءت مفتعلة وأن الصين صاحبة السيادة في التبت منذ أجيال، وهي التي أدخلت إليه معاني الحياة العصرية، والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.
ثم ضرب الزلزال الرهيب عشرات الآلاف من سكان منطقة سيتشوان، وإذ بالصين تقف يدا واحدة ـ الشعب، الدولة، الحزب القائد ـ تتنافس الولايات والمقاطعات علي إنقاذ إخوانهم المنكوبين وإعادة التعمير.
ندخل إلي هذه الدورة الأوليمبية الأولي علي أرض الشرق الحضاري وشعارها الذي رفعته جمهورية الصين الشعبية بحق هو عالم واحد.. حلم واحد!.
كيف يكون العالم الواحد؟ كيف يكون العالم واحدا مادام أن العالم في رأي الدولة المضيفة هو عالم طالما وصفته بأنه متعدد الأقطاب والمراكز والثقافات؟ وكيف يكون الحلم واحدا؟ اللهم إلا حلما جامعا من نوع جديد؟
قال صاحبي: ياريت... ياريت... ياريت نسمع أخبار مشاركة العرب في الدورة الأولمبية... وربما من يدري؟ بعض الإنجازات؟ دعنا نتفاءل!....
شبكة الصين / 1 أغسطس 2008 /
|