3 ـ تحقيق التنمية بالاعتماد على القوة الذاتية والإصلاح والإبداع
 

 

قامت الصين بالتخطيط الشامل للتنمية الداخلية والانفتاح على العالم الخارجي متمسكة بالمفهوم العلمي للتنمية، ووضعت النقطة الأساسية للتنمية في الانطلاق من الواقع الداخلي، وفي الوقت نفسه، تمسكت بالانفتاح شامل الاتجاهات وعريض المجالات ومتعدد المستويات سعيا لتحقيق تنمية أكثر توازنا.

ان مسائل التنمية التي تواجهها الصين تتجسد رئيسيا في التناقضات بين الاقتصاد غير المتطور وطلب الناس المتزايد على الثقافة المادية، وفي التناقضات بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والضغط الكبير الناجم عن السكان والموارد والبيئة. ولقد برهنت التجارب التاريخية على أن تسوية مسائل التنمية في الصين تتطلب الاعتماد على الصين ذاتها من حيث الأساس. وهذا عبارة عن تحمل المسؤولية تجاه شعب الصين وتجاه شعوب العالم أيضا، ومبدأ هام لضمان أن تسلك الصين طريق التنمية السلمية. ولن ترحل الصين هذه المسائل والتناقضات إلى بلد آخر، وأيضا لن تطور نفسها من خلال نهب بلد آخر.

تعتمد الصين رئيسيا على قوتها الذاتية والإصلاح والإبداع في تحقيق التنمية، لأن هناك تفوقات وشروطا متعددة: وجود الأساس المادي والفني لدعم التنمية الاقتصادية الأكبر، ووجود الطلب السوقي الضخم المتزايد ونسبة المدخرات العالية نسبيا للمواطنين، ووجود موارد الأيدي العاملة الوفيرة التي ترتفع كفاءتها الكلية باستمرار، ووجود نظام اقتصاد السوق الاشتراكي المتكامل باستمرار وضمان السياسات، ووجود الظروف الاجتماعية والسياسية المستقرة.

ومن أجل تحقيق التنمية بالاعتماد رئيسيا على القوة الذاتية والإصلاح والإبداع، ستكثف الصين جهودها لإتقان الأعمال التالية:

ـ التمسك بالإبداع من حيث المفهوم والنظام.دلت الممارسات العملية منذ بدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي على أن الصين استطاعت تنشيط الحماسة والمبادرة والإبداعية لمئات الملايين من أبناء الشعب لتخلق باستمرار وضعا جديدا لبناء التحديثات، بواسطة تحرير العقول والبحث عن الحقيقة من الواقع والتقدم إلى الأمام بحزم وجرأة. سوف تدفع الصين بثبات الإصلاح في مختلف المجالات وتتمسك باتجاه الإصلاح لاقتصاد السوق الاشتراكي، وتعزز قوة الإصلاح، وتركز على دفع إبداع الأنظمة من أجل تحقيق تقدم اختراقى في بعض المجالات المصيرية والحلقات الهامة. ومن خلال الإصلاح، فإن الصين سترفع مدى توجه الاقتصاد الوطني نحو السوق إلى حد أكبر، وتكمل نظام التنسيق والتحكم الكلي الوطني، سعيا وراء تشكيل مجموعة من آليات النظام المفيدة لدفع التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمتناسقة.

ـ الانطلاق من تطوير السوق المحلي وزيادة الطلب الداخلي.إن توسيع الطلب الداخلي هو موطئ القدم الأساسي والمبدأ الاستراتيجي طويل الأجل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين. وتمر الصين حاليا بمرحلة من التنمية تتسم بتسارع عمليات التصنيع والتمدين وارتفاع مستوى دخل الشعب والارتقاء بدرجة الهياكل الاستهلاكية. ومع مواصلة الصين تقديم مساهمات في التجارة الكونية والاقتصاد العالمي من خلال تغيير نمط نمو التجارة الخارجية وتوسيع الواردات وتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، فإن الطلب الداخلي الكبير والسوق المحلي الواسع سيشكلان قوة محركة متواصلة للتنمية الاقتصادية الصينية، الأمر الذي يقضى بأن التنمية الصينية يجب ويمكن ان تتحقق بالاعتماد رئيسيا على الطلب الداخلي. وقد حافظت الصين على نمو الاستثمارات في الأصول الثابتة بحجم ومعدل معقولين، وأظهرت دور الاستثمارات في دفع النمو الاقتصادي. ومن خلال تنفيذ السياسات الصحيحة حول توزيع الدخل والاستهلاك، اعتمدت الصين بصورة أكثر على الطلب الاستهلاكي المحلي لحفز النمو الاقتصادي. وفي السنوات الأخيرة، شهد كل من الاستثمار المحلي والطلب الاستهلاكي الداخلي اتجاها للنمو السريع نسبيا.

ـ دفع التعديل الاستراتيجي للهياكل الاقتصادية وتغيير نمط النمو.اتخذت الصين تغيير نمط النمو مركز ثقل استراتيجيا للسعي وراء أن يقوم النمو الاقتصادي على أساس رفع كفاءة السكان والاستغلال عالي الفعالية للموارد وتقليل التلوث البيئي والاهتمام بالجودة والجدوى. وتواظب الصين على حفز التصنيع بالمعلوماتية، ودفع المعلوماتية بالتصنيع، وسلوك طريق التصنيع من الطراز الجديد، وتسريع عملية تحسين الهياكل الصناعية والارتقاء بمستواها، والعمل بقوة على تطوير صناعة التصنيع المتقدمة وصناعة التكنولوجيا العالية والجديدة وخاصة صناعة المعلومات والصناعة الحيوية، ورفع نسبة ومستوى صناعة الخدمات، وتعزيز بناء منشآت البنية التحتية للصناعات الأساسية، والإظهار التام لدور التعديل الهيكلي في تغيير نمط النمو. وتبذل الصين جهودا كبيرة لتطوير الاقتصاد الموفر للموارد والاقتصاد المدور والاقتصاد الصديق للبيئة، سعيا لتشكيل منظومة للاقتصاد الوطني تتصف بالتنمية التكثيفية والنظيفة.

ـ تعجيل التقدم العلمي والتكنولوجي وتقوية القدرة على الإبداع الذاتي.تعمل الصين على بناء دولة من الطراز الإبداعي، باعتبار تقوية القدرة على الإبداع الذاتي استراتيجية وطنية، فوضعت خططا وطنية متوسطة وطويلة الأجل لتطوير العلوم والتكنولوجيا، وطرحت أهدافا ومهمات لتطوير العلوم والتكنولوجيا للـ15 سنة المقبلة. وترفع الصين بنشاط القدرة على الإبداع الأصلي والقدرة على الإبداع المتكامل والقدرة على جلب وامتصاص واستيعاب التكنولوجيا المستوردة وإعادة إبداعها. ومن خلال إصلاح نظام العلوم والتكنولوجيا، تضيف الاستثمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا من قنوات عديدة، وتدفع بناء النظام الإبداعي الوطني، وتسرع في تحويل نتائج العلوم والتكنولوجيا إلى قوة إنتاجية واقعية. وتعمل الصين بكل ما في استطاعتها لزيادة نسبة نفقات البحوث والتنمية للعلوم والتكنولوجيا في إجمالي الناتج المحلي من 44ر1٪ عام 2004 إلى حوالي 5ر2٪ عام 2020.

ـ تنمية الموارد البشرية بقوة.تبذل الصين ما في مقدورها لدفع تطبيق استراتيجية تقوية الوطن بالاعتماد على الأكفاء، وتسريع تعديل الهياكل التعليمية، وممارسة التعليم الهادف إلى النمو الشامل للطلاب، وتركز على تعزيز التعليم الإلزامي وخاصة التعليم الإلزامي الريفي، وتعمل بقوة على تطوير التعليم المهني، ورفع نوعية التعليم العالي، وجعل قضية التعليم تشهد تطورا كبيرا، والسعى وراء إعداد وتربية الكادحين ذوي الكفاءة العالية والأكفاء المتخصصين في مختلف المجالات. وفي فترة 2006 ـ 2010، فإن المدارس المهنية المتوسطة ستزود المجتمع بـ 25 مليون خريج، والمدارس المهنية العالية ستزود المجتمع بـ 11 مليون خريج. وبحلول عام 2020، ستصل نسبة الالتحاق بمرحلة التعليم العالي في الصين إلى حوالي 40٪. وعلاوة على ذلك، ستنشط الصين في جلب أصحاب المواهب بمختلف أنواعهم من الخارج وخاصة الأكفاء رفيعى المستوى، حتى تتشكل بصورة أفضل آلية جيدة ومناخ اجتماعي لكي يزداد أصحاب الجدارة يوما بعد يوم ويستفيد كل من كفاءته إلى أبعد الحدود، مما يقدم ضمانا قويا من الموارد البشرية ودعما من العقول إلى بناء التحديثات.

ـ بناء مجتمع موفر للموارد وصديق للبيئة بنشاط.برهنت التجارب التاريخية، أن على المجتمع الدولي أن يعالج مسألة الطاقة على وجه جيد إذا أراد تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة ومنتظمة في العالم. إن الصين تعمل لحماية أمن واستقرار الطاقة العالمية سويا مع سائر بلدان العالم بواسطة الحوار والتعاون معها في مجال الطاقة. وتتخذ الصين توفير موارد الطاقة سياسة وطنية أساسية، وتعتبر استغلال موارد الطاقة بصورة مقتصدة ورفع فعالية استخدامها مركزا للعمل بقوة على تطوير الاقتصاد المدور والحصول على أكبر قدر ممكن من الجدوى الاقتصادية والاجتماعية بأقل ما يمكن من استهلاك الطاقة. وتتمسك الصين بمبدأ الانطلاق على الواقع الداخلي لزيادة إمدادات الطاقة باستمرار في داخل البلاد. إن الصين مستهلك كبير وكذلك منتج كبير للطاقة، فظلت نسبة اكتفائها الذاتي من الطاقة أكثر من 90٪ منذ تسعينات القرن العشرين. ومازال في الصين إمكانيات كبيرة لإمدادات الطاقة، إذ يشكل الاحتياطي المؤكد من الفحم نسبة منخفضة جدا من إحتياطيه الجيولوجى، ومن المحتمل اكتشاف حقول جديدة للنفط والغاز الطبيعي، ويكون لتنمية الطاقة الجديدة والطاقة المتجددة مستقبل مشرق. وإلى جانب ذلك، تتمسك الصين بسياسة وطنية أساسية حول حماية البيئة، وتواصل تعزيز قوة حماية البيئة الإيكولوجية، وتحسن البيئة الإيكولوجية تدريجيا بهدف توفير ظروف للتنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية. وتثابر الصين على الوقاية أولا والمعالجة الشاملة، لتقوية مكافحة التلوث ومسبباته من المنبع وحماية البيئة؛ وتواظب على مبادئ منح الأسبقية للحماية والاستغلال الرشيد من أجل تقوية حماية بيئة الموارد الطبيعية باعتبار التحكم في الأعمال غير المعقولة لاستغلال الموارد نقطة جوهرية في ذلك.

تنتهج الصين بثبات لا يتزعزع سياسة وطنية أساسية للانفتاح على العالم الخارجي، وتطور بنشاط التبادل والتعاون مع الخارج في مجال الاقتصاد والتقنية، وترفع مستوى الانفتاح بصورة شاملة. وتلتزم الصين بجدية بوعودها عند انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، وتكمل باستمرار النظم والسياسات الإدارية المتعلقة بالأجانب، حتى تخلق جوا عادلا منظورا يسوده النظام القانونى؛ وتفتح السوق إلى حد أكبر، وتحسن مناخ الاستثمار والتجارة، وتجود الهياكل التجارية، وترفع مدى التحرير والتسهيل للتجارة والاستثمار، حتى توفر ظروف أفضل للاستثمار؛ وتشجع المؤسسات على الاستثمار في البلدان الأجنبية من أجل التنمية المشتركة مع مؤسسات هذه البلدان. لقد أدى الانفتاح على العالم الخارجي دورا هاما للغاية في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الصينية. فمن خلال جلب الاستثمارات الأجنبية، عوضت الصين عن نقصان الأموال الموظفة للتنمية الذاتية؛ وبواسطة الاستفادة تماما من الأسواق الدولية، عززت تطوير الصناعات المحلية؛ وعبر استيراد التقنيات والأجهزة والخبرات الادارية المتقدمة، رفعت مستوى المؤسسات في فنون الإنتاج والإدارة؛ وبفضل تطوير التبادلات الخارجية بنشاط، شاركت العالم في نتائج الحضارة البشرية ورفعت كفاءة الموارد البشرية.