ماو تسي تونغ: السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية


تأسس الحزب الشيوعي الصيني في أول يوليو 1921. ثمة ثلاث مراحل متميزة في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني قادها ثلاثة قادة على التوالي. احتل ماو تشي تونغ، بصفته زعيم المرحلة الأولى، مكانة هامة للغاية. يسميه الناس عادة الشخصية المحورية للجيل الأول من مسئولي الحزب الشيوعي الصيني.

ولد هذا الزعيم في بيت فلاح بقرية جبلية في مقاطعة هونان عام 1893، لم يتعلم في أية جامعة مشهورة ولم يدرس خارج الصين، كانت مكانته غير مرموقة في السنوات العشر الأولى لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، بل تعرض للإبعاد أحيانا. لكنه احتل المكانة القيادية في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني في الفترات اللاحقة.

مولده في أسرة فلاح جعلته يفهم الفلاحين ويدرك أهمية حل مشكلة الفلاحين في الصين، البلد الزراعي. يمكن القول أنه حقق انتصار الثورة الديمقراطية الصينية الجديدة بفضل إظهاره لدور الفلاحين بشكل رائع. تمسك بنظرية "السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية"، وعارض طريق النزعة الإصلاحية. حتى بعد تأسيس الصين الجديدة، ظل يتمسك بجعل الصراع الطبقي مركز ثقل أعمال الحزب. كان يختلف عن الذين عبدوا النظريات الأجنبية في فترته، فطبق الماركسية بصورة مرنة، ولم يتبعها بصورة عمياء، بل جمعها مع الثورة الصينية بصورة ممتازة.

بدأ ت مكانة ماو تسي تونغ في الحزب الشيوعي الصيني ترتفع في ثلاثينيات القرن العشرين، وقد تجسد ذلك في مؤتمر تسونيي الذي انعقد في قويتشو. قبل هذا المؤتمر، وبسبب استخدام أسلوب الثورة السوفيتية بشكل جامد، تعرضت قضية الحزب الشيوعي الصيني لخسارة فادحة، حيث استولى حزب الكومينتانغ على الأراضي التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي الصيني بسرعة، فانسحب جيش الحزب الشيوعي الصيني مضطرا. في مؤتمر تسونيي حددت المكانة القيادية لماو تسي تونغ، فتخلصت الثورة الصينية من الإرشاد غير الواقعي للكومنترن الثالث، الأمر الذي جعل الثورة الصينية تتجه إلى الطريق الصائب.

يتميز ماو تسي تونغ بخصائص المثقف الصيني التقليدي: السعي وراء جمال وكمال الشخصية والرومانسية. يمكن ملاحظة سعيه وراء جمال وكمال الشخصية من رسالة كتبها لصديقه تساي خه سن عام 1920، إذ طلب فيها أن يتحلى أعضاء جمعية شينمين بالإخلاص والوفاء والصراحة والتقدم. بفضل ذلك أمكنه الحفاظ على أسلوب الحزب الممتاز ومشاركة أبناء الشعب في السراء والضراء بعد تأسيس الصين الجديدة. ومما أثار إعجاب أبناء الشعب به، إلى أيامنا هذه، أنه بعث ولده البكر إلى كوريا ليناضل مع الشعب الكوري في الحرب ضد العدوان الأمريكي إلى أن استشهد في كوريا.

لم تتجسد فقط رومانسية ماو تسي تونغ في قصائده، بل في مثله الثورية. في عشرينيات القرن العشرين، اتخذ "إصلاح الصين والعالم" سياسة لجمعية شينمين. كانت فكرته الأممية التي هي هدف نضال الحزب الشيوعي الصيني تواصلت حتى تأسيس الصين الجديدة. كانت فكرة "أن ثلثي أبناء شعوب العالم لم يتحرروا بعد" قوة دافعة لنضال الشيوعيين الصينيين. بفضل الجمع بين رومانسية المثقفين هذه وسعة صدر الثوريين، بنى ماو تسي تونغ الصين الفقيرة والضعيفة لتصبح بلدا حيويا. بالطبع كانت شخصيته هذه سببا في ظهور "القفزة الكبرى" في خمسينيات القرن العشرين ومأساة "الثورة الثقافية الكبرى" في ستينياته.

لكن ماو تسي تونغ دائما يحتل مكانة خاصة في قلوب الصينيين. في الأرياف الجبلية النائية يقدسون سكياموني وماو تسي تونغ معا. في سيارات الأجرة بالمدن، تعلق صورة ماو تسي تونغ، لأن سائقيها يعتقدون أن ماو تسي تونغ يضمن لهم السلامة والثروة. الموقف من ماو تسي تونغ مثل الموقف من الحزب الشيوعي الصيني نوعا ما، حيث يوجد من يشكو من عثراته، بينما تعترف الأغلبية بأنه لولا الحزب الشيوعي الصيني لما كانت التنمية المستقرة في الصين.

الصين اليوم

Copyright © 2001 China Internet Information Center All Rights Reserved