الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
مقالة خاصة: التعاون المتكافئ بين دول بريكس يصب فى مصلحة الاقتصاد العالمي
بقلم هيثم لي تشن
بكين 16 أبريل 2011 (شينخوا) اثمرت القمة الثالثة لدول ((بريكس)) عن خطوات عملية وملموسة فى تجاه توثيق الروابط التجارية والاقتصادية بين الاقتصادات الناشئة الخمسة الرئيسية فى العالم , الأمر الذى لن يعود بالفائدة على دول المجموعة فقط , وانما سيصب فى مصلحة الاقتصاد العالمى ايضا .
وتوصل قادة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا فى القمة التى عقدت بمنتجع سانيا جنوب الصين يوم الخميس الى توافق حول قضايا هامة مثل الاقتصاد العالمى والقضايا المالية.
وفى ظل التغيرات المتسارعة فى نمط الاقتصاد العالمى تبدو اهمية نتائج التوافق الذى تم التوصل اليه بين دول بريكس للاقتصادات الناشئة الخمسة الرئيسية ودول العالم الاخرى . فقد ساعد الاجتماع في توحيد رؤى زعماء بريكس حول القضايا الرئيسية وتقريب العلاقات بينها. وتعكس الوثائق التى تم اقرارها فى القمة مثل اعلان سانيا توافق القادة على قضايا رئيسية مثل الاقتصاد العالمى والقضايا المالية والتنمية. كما وضعت هذه الوثائق خطة للتعاون المستقبلى بين الدول الخمس فى الصناعة والتجارة والعلوم والتكنولوجيا وايضا الزراعة.
ونجحت القمة ايضا في تشديد التوافق في الآراء وتعزيز التنسيق وتعميق التعاون بين مجموعة بريكس . وتعهدت الدول الخمس بدعم إصلاح وتحسين النظام النقدي العالمي ، من أجل إنشاء نظام احتياطي عملة عالمي مستقر وموثوق به وعريض القاعدة .
وكخطوة للأمام اتفقت البنوك في الدول الخمس على تعزيز التعاون فى التوسع فى استخدام العملات المحلية بدلا من الدولار الأمريكي في التسويات . ومن المؤكد ان زيادة استخدام العملة المحلية فى التسويات التجارية بين دول بريكس وفى المزيد من القروض سيفيد الجميع بشكل واضح.
لقد كانت الية بريكس نتيجة حتمية لتغييروضع الاقتصاد العالمي.فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية , شهد الاقتصاد العالمي تغيرات هائلة من بينها صعود مجموعة الاقتصادات الناشئة ، الامر الذى اعاد صياغة خريطة الاقتصاد العالمي . فقد ثبت ان اطار ادارة الاقتصاد العالمي الذى تقوده الدول الغربية من بعد الحرب العالمية الثانية لا يستطيع مواكبة وتيرة التغيير التاريخية، وكان بطيئا في استيعاب الاقتصادات الناشئة ، مما ينذر بصراع بين النمط الجديد للاقتصاد العالمي والاطار القديم لادارة الاقتصاد العالمي.
وقد كشفت الأزمة المالية الدولية بوضوح عيوب المنصة الاساسية فى ادارة الاقتصاد العالمي التى تقودها مجموعة الدول الغربية المتقدمة السبعة . ونتيجة لذلك, برزت على الساحة مجموعة العشرين التى تشمل الاقتصادات المتقدمة الرئيسية والاقتصادات الناشئة الرئيسية , وباتت منصة اساسية جديدة لإدارة الاقتصاد العالمي مقدمة فرصة تاريخية لتطوير آلية بريكس للتعاون .
فطالما امتلكت الدول المتقدمة العديد من المنصات اضافة الى مجموعة العشرين مثل مجموعة الدول الصناعية السبعة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في حين لم تستطع الدول النامية اقامة منصة واحدة للتشاور والتعاون خاصة بها.
وبدأت آلية التعاون بأربعة اقتصادات هى الصين وروسيا والبرازيل والهند تحت اسم بريك في منتصف يونيو 2009، وعقد اول اجتماع في مدينة ايكاترينبرج الروسية ثم احتضنت البرازيل القمة الثانية في عاصمتها لادارية برازيليا في منتصف أبريل 2010 لمواصلة تعزيز آلية التعاون.
وعقدت قمة بريكس هذا العام تحت عنوان "رؤية واسعة، ورخاء مشترك" برئاسة الرئيس الصيني هو جين تاو وحضور كل من رئيسة البرازيل ديلما روسيف ، والرئيس الروسي دميتري ميدفيدف ، ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ ، ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما بعد انضمام الاخيرة الى الالية نهاية العام الماضى.
وتمثل اراضى دول بريكس مجتمعه قرابة 30 فى المائة من مساحة اليابسة فى العالم وتضم 42 فى المائة من اجمالى سكان العالم. وفى عام 2010 اسهمت المجموعة بـ18 فى المائة من اجمالى الناتج المحلى العالمى و15 فى المائة من التجارة العالمية.
وشهدت دول بريكس نموا قويا في حجم التجارة خلال العقد الماضي ، ففي الفترة ما بين 2001 و2010 نما حجم التبادل التجاري بين الدول الخمس بمعدل سنوي 28% ليصل إلى قرابة 230 مليار دولار أمريكي.وتفوقت الاقتصادات الخمسة خلال الأزمة المالية العالمية حيث شكل اجمالي الناتج المحلي بها 18% من الاجمالي العالمي عام 2010 ، وشكل حجم التجارة بينها 15% من الاجمالي العالمي العام الماضي.
وأصبحت المجموعة محرك تنمية جديد للدول منخفضة الدخل , بحسب تقرير لصندوق النقد الدولى صدر يوم الجمعة . ففى الوقت الذى ما زالت فيه الدول الصناعية شركاء تنمية رئيسيين للدول منخفضة الدخل, تطورت الروابط بين الدول منخفضة الدخل ودول بريكس بشكل سريع خلال العقد الماضي حتى اضحت دول المجموعة محركين جدد للنمو فى الدول منخفضة الدخل.
ولعبت الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتمويل التنمية من قبل دول بريكس فى الدول منخفضة الدخل دورا كبيرا فى بعض المناطق الرئيسية. واقترب حجم التجارة بين دول بريكس والدول منخفضة الدخل -- معظمها فى افريقيا-- من نصف حجم التجارة المشتركة مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة, وتزيد على حجم التجارة مع الاقتصادات الصاعدة الاخرى, على حد قول التقرير.
لقد كشفت الأزمة المالية العالمية عن عيوب النظام الاقتصادي والمالي الدولي الحالي وضرورة اصلاح اطار ادارة الاقتصادي العالمي بقيادة البلدان المتقدمة وزيادة صوت وتمثيل الاقتصادات الناشئة وكذا الدول النامية فى إدارة المؤسسات المالية الدولية بما يتماشى مع التغيرات في الاقتصاد العالمي.وهو ما اكده قاده بريكس فى القمة.
ومهمة إصلاح النظام الاقتصادي والمالي الدولي لا تستطيع ان يتحملها اى اقتصاد ناشئ بمفرده . ومن ثم تعزيز الروابط بين الاقتصادات الناشئة الرئيسية في العالم من خلال آلية بريكس وتحدثها بصوت واحد في القضايا الرئيسية من شأنه ان يزيد من الحالة الاقتصادية العامة للبلدان النامية وتأثيرها في نمط الاقتصاد العالمي.
ولا يمكن ان نجهل ان تعزيز التعاون بين دول المجموعة سيصب فى مصلحة العالم باكمله. فقد كانت دول بريكس تحقق الانتعاش الاقتصادي السريع اثناء الأزمة المالية الدولية،وأصبحت محركا هاما للنمو الاقتصادي العالمي. وبعد عاصفة الأزمة المالية العالمية، تسعى دول المجموعة بنشاط إلى تحسين الإدارة الاقتصادية العالمية والاجتهاد فى تجنب الأزمات في المستقبل، الامر الذى يساعد الاقتصاد العالمي على تحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن على المدى الطويل.
كما يجدر القول هنا ان التعاون بين دول بريكس يتسم بخصائص الشمول الواضحة .وهذه الدول لا تسعى إلى تحدي اوتخريب النظام الدولي القائم ولكن بدلا من ذلك , تلتزم بإجراء مشاورات مفتوحة وشفافة وتحسين الإدارة الاقتصادية العالمية تدريجيا.
لقد اظهرت دول بريكس امكانات كبيرة فى مواجهة الازمة المالية، وتلعب الكتلة حاليا دورا متزايد الاهمية حاليا فى السياسة , واصبحت آلية "فريدة" بفضل قوتها الاقتصادية وتأثيرها السياسى وامكاناتها التنموية, على حد وصف الرئيس الروسى ديمترى مدفيديف .
وبينما يشهد العالم اليوم تطورات وتغييرات كبيرة, تبدو اهمية زيادة الحوار والتبادلات والتعاون، ويمكن بهذه الطريقة فقط ان يتمتع البشر بعالم يسوده السلام والهدوء والرخاء. وتدل قمة سانيا ان دول بريكس تجتهد يدا بيد في مساهمات جديدة لبناء عالم بمزيد من المساواة والعدل والازدهار المشترك.
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |