شيآن – أول محطة عربية بشمال الصين

والنفائس. ويمكن أن نطلق على شيآن متحف التاريخ الطبيعي للمجتمع الصيني القديم للعدد الجم من الآثار الأطوال الموجودة بها. شيآن هي عاصمة مقاطعة شانشي التي تقع في مناطق الصين الوسطى وهي مدينة سياحية دولية ومركز صناعي وعلمي وثقافي وتجاري هام بمنطقة شمال غرب الصين.

شيآن بموقعها على طرف المناطق الصحراوية إلى الغرب من بكين كانت تشكل بداية "طريق الحرير " القديم. وهي أقدم عواصم الصين وإحدى أقدم أربع مدن في العالم حيث يرجع تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام. وشهدت عبر تاريخها صعود وهبوط أسرة تشين قبل 2300 سنة. وفيما بعد صارت خلال إحدى مراحل تطورها حاضرة عالمية تعج بالدبلوماسيين والتجار والرحالة من مختلف أنحاء العالم القديم. وبدأ النشاط التجاري بين شيآن ووسط آسيا وغربها، بما في ذلك شبه الجزيرة العربية، قل أكثر من ألفي سنة، كما اندلعت حروب عدة بين أسرة تشين الحاكمة والارشاقيين الذين كانوا في تلك الحقبة حكاما لآسيا الوسطى والهضبة الإيرانية. ويضم متحف شيآن تمثالا لمهرداد الأكبر ملك البارثيين الفرس، الملك الذي علم الصينيين فن حرب العصابات.

ثم أصبحت شيأن خلال القرن الميلادي الأول مدخلا رئيسيا ل"طريق الحرير" الشهير الذي ربط الشرق الأقصى بمنطقة البحر المتوسط عبر آسيا الوسطى وإيران وأسيا الصغرى (هضبة الأناضول التركية حاليا). ويذكر أن هذا الطريق كان في مرحلة سابقة، معبرا لنحو 60 في المائة من مجموع التجارة العالمية، وظل طريقا تجاريا حيويا حتى القرن الميلادي السادس عشر، عندما أكتشف الأوروبيون الخطوط البحرية الموصلة إلى شبه القارة الهندية والبر الآسيوي بما في ذلك الصين ذاتها.

في القرن الميلادي السابع أرسل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وفدا ليدعو حاكميها وسكانها إلى الدخول في الإسلام. ورغم طول المفاوضات ووديتها لم تكن الإعداد التي اعتنقت الإسلام يومذاك كبيرة فان تلك النقطة كانت بداية انتشار الدين الحنيف في أكبر دول العالم من حيث عدد السكان. وفيها بني المسلمون واحدا من أقدم المساجد وأجملها معمارا وهو المسجد الكبير.

وبعد عهود عادت شيآن مرة أخرى مثارا لاهتمام العالم عندما اكتشف علماء الآثار فيها أقبية وسراديب تحت الأرض وصفها كثيرون بأنها من عجائب الدنيا ... تستحق أن تضاف إلى العجائب السبع القديمة. وتحوي هذه الأقبية تماثيل فخارية لجيش الإمبراطور تشين شي هوانغ الذي عاش قبل الفي سنة من ميلاد السيد المسيح. وتقع الأقبية – المدافن على بعد ميل من قبر الإمبراطور هوانغ، وهي تغطى مساحة ضخمة تقدر بحوالي 20 ألف متر مرتع، وتضم سبعة آلاف تمثال فخاري للمقاتلين، بالإضافة إلى 30 ألف قطعة سلاح برونزية من مختلف الأشكال والأحجام استخدمت في العديد من المعارك. وثمة أيضا 100 من المركبات الحربية القديمة التي تجرها الخيول و600 حصان أيضا من الفخار إلى جانب معدات حربية أخرى. ولعل الإمبراطور هوانغ كان يعتقد أن هذا الجيش اللجب من التماثيل والأسلحة والخيول سيحميه من أعدائه بعد الموت. ويعتبر هذا المتحف من أهم الحفريات التي عثر عليها في العصر الحديث، إذ يزيد عمر الآثار به علي ألفين ومائة سنة.

وتشتهر شيآن أيضا بأنها مسقط رأس كثير من القادة السياسيين الطموحين. فالعديد من القادة السياسيين الصينيين خلال القرن الماضي كانوا من شانسي، وتحديدا من شيآن. بل ويزعم البعض أن نسبة تمثيل الشنسيين في المواقع الأساسية في قطاعي السياسة والاقتصاد في الصين عالية جدا وغير متوازية مع حجمهم العددي. إلا أن أهل المقاطعة ينفون هذه المزاعم. مع انهم يقرون أن بامكانهم ارتقاء سلم النجاح الاقتصادي والسياسي بسرعة، لأنهم، حسب قولهم، يتميزون "بالجدية في العمل والإخلاص والالتزام" مقارنة بغيرهم.

ومع أهم المعالم الإسلامية في شيآن المسجد الكبير الذي بني في عهد أسرة تانغ وهو أحد أكبر المساجد الإسلامية المعاصرة ويجمع المسجد بين الفن المعماري الصيني التقليدي والفن المعماري الإسلامي.

بعد الدخول من البوابة الرئيسية للمسجد تواجهك البوابة الخشبية المقنطرة تعلوها قمة مزججة وللمسجد برج قمته مبنية بالقرميد المزجج وبه ثلاث بوابات مزخرفة بأحجار على شكل الزهور وبالمسجد قاعة تسجل تطور تاريخ الإسلام في مقاطعة شنسي حيث يوجد على جدرانها بلاط مدون عليه حساب التقويم الزمني العربي.

في مركز فناء المسجد توجد مئذنة مكونة من خمسة طوابق وإلى الجنوب من المئذنة يوجد قاعة استقبال لكبار الزوار تضم بعض التحف الأثرية ويوجد بالمسجد أربع منصات تذكارية تسجل أحداث بناء المسجد وإعادة بنائه بأوامر إمبراطورية. تغطي قاعة الصلاة مساحة 300 متر مربع وتسع ألف مصل، جدران القاعة مزخرفة بآيات قرآنية منقوشة على الخشب والقاعة هي أكبر بناية في المسجد.