إن للأحياء القديمة فى مدينة كاشغر شوارع كالمتاهة وأرض مرصوفة بالبلاطات السوداء التى ترد بصوت واضح على الخطوات الناعمة للمارين فوقها. وفى تلك الاحياء يجلس أفراد الأسر الويغورية من عدة أجيال معا تحت كرمات العنب والشابات المجتهدات اللواتى يغطين وجوههن حاملات الفواكه والمعجنات بالاضافة إلى العجائز الويغوريات الممتلأت الابدان لكنهن يعشقن الرقص.
وإذا تحولت من الشوارع الواسعة فى كاشغر إلى الأزقة الصغيرة فى أحيائها القديمة شعرت بأنك تعود إلى الماضى. وتعتبر هذه الأحياء أقدم منطقة مكتظة بالويغوريين فى كاشغر. وتتميز الأزقة بضيقها وتقاطعها الأمر الذى يحجب نظر الزوار إلى السماء عند المرور فيها. ويمكن للزوار أن يشاهدوا الجسور تربط بين زقاقين وأغصان العنب الممتدة على الجدران. وهناك سلسلة من البيوت على جانبي الأزقة، وبنيت معظم البيوت بجدران ترابية صفراء، وهناك بعض البيوت المبنية بالطوب. وبالرغم من أن أبواب البيوت ليست فاخرة الا أن هذه البيوت ذات طابع مميز وفيها أعمدة منقوشة بالرسوم وشرفات واسعة وممرات طويلة وبسط مفروشة على الأرض وطنافس جدارية بالاضافة إلى أجهزة كهربائية حديثة. ويمكن للزوار أن يجدوا بعض الأسر الويغورية التى تضم أربعة أو خمسة أجيال فى كاشغر القديمة الأمر الذى يظهر الانسجام بين هذه الأسر.
قالت الدليلة تشن وي بينغ إن سكان الأحياء القديمة متحمسون جدا واضافت:
يرجع تاريخ الأحياء القديمة بكاشغر إلى ألفي سنة لذا فهي احياء ثقافية قديمة. ويقطنها الويغوريون المعروفون بحماستهم وأمانتهم. وترك الجيل القديم هذه البيوت للجيل الجديد وتستمر الحياة.
دخلنا إلى بيت تدعى ربته فاطمة. وصافحت هذه السيدة الممتلأة الجسم وظهرت فى عينيها نظرة هادئة عند التحدث مع دليلتي باللغة الويغورية. وقالت الدليلة إن السيدة فاطمة تشعر بأنني أشبه إبنتها. ومن المؤكد أن هذه السيدة مسرورة إلى الحد الذى لا تعرف كيف تصف مشاعرها السعيدة. ولم يدخل الرجال البيت بعد دخولنا إلى بيتهم طبقا لعادات القومية الويغورية المشابهة للعادات العربية. وفى البيوت الويغورية، يستقبل الرجال ضيوفهم الرجال وتستقبل النساء ضيفاتهن. ودعتنا السيدة فاطمة إلى الجلوس على البساط بعد أن أعدت بعض الحلوى والمعجنات، ثم قالت إن زوجة إبنها التى تجيد الرقص غير موجودة فى البيت، لذا ترقص لنا هي بالطريقة الويغورية. وعلى الرغم من أن السيدة فاطمة ممتلأة الجسم الا أن حماسها أعجبني.
من الصعب أن أنسى أشكال الأحياء القديمة والرائحة التى تنبعث منها بعد خروجي منها. وتختلط رائحة تربة المبانى ورائحة الأطعمة الويغورية، وكل رائحة فى كاشغر رائحة للحياة الدائمة.
أعزائي، لنخرج من الأحياء القديمة مؤقتا ونزور السوق الكبرى فى كاشغر.
قالت الدليلة تشين وي بينغ بفخر إن السوق الكبرى فى كاشغر هو بمثابة الجد لسوبرماركت الحالي. وأضافت قائلة:
قبل ألفي سنة، مر الناس بطريق الحرير القديم الذى يبلغ طوله سبعة آلاف كيلومتر بداية من روما القديمة حتى تشنغآن فى الصين القديمة أي شيآن الآن، وجد المسافرون واحة فى قلب الصحراء، وهذه الواحة هي كاشغر. حيث توقفوا و تبادلوا البضائع وولدت فى ذلك الحين أول سوق فى هذه المنطقة، أي السوق الكبرى الآن. وكانت هذه السوق تفتح فى يوم الأحاد فقط قبل عام ألف وتسعمائة واثنين وتسعين، بعد ذلك، أخذت تفتح يوميا.
ويوجد فى كاشغر أكثر من عشرين سوقا كبيرة بما فيها الأسواق العامة واسواق المنتجات الزراعية وأسواق المنتجات الخاصة القومية وأسواق الأزياء والوقود. ويتمتع كل نوع من هذه الأسواق بخصائص ذاتية ولكن أشهرها هو السوق الكبرى. وتدعي هذه السوق بسوق التجارة الدولية فى غرب ووسط آسيا فى كاشغر أيضا. وتبلغ مساحتها مائتي ألف متر مربع، يتجاوز عدد روادها خمسين ألف نسمة، ويأتى إليها من كومنولث الدول المستقلة وباكستان ودول آسيا الغربية.
إذا دخلت بوابة هذه السوق فستندهش لمظاهر النشاط والحركة فيها. وتجد فيها تجارا محليين ومشترين من خارج كاشغر وحتى التجار الذين يتوافدون من الهند وباكستان وقيرغيزستان وتاجكستان. وتصطف أكشاك البيع على الجانبين بصورة كثيفة، وتباع فيها البضائع الملونة التى تسرق الأنظار وفيها الطنافس الجدارية والسكاكين ذات الخصائص الويغورية والأحجار الكريمة وحرف يشمية فنية وآلات موسيقية فى شينجيانغ، وفي السوق أيضا شالات حريرية وأطباق نحاسية ومنتجات نحاسية فنية مصنوعة فى باكستان بالاضافة إلى أغطية الأسرة و شالات حريرية تركية الصنع.
ويمكن للزوار أن يشتروا بضائع رائعة ورخيصة بلا شك، لكن عليهم أن يتحلوا بالصبر، لأن البضائع كثيرة جدا والسوق كبيرة.
كما يمكن للزوار ان ياكلوا الكباب والكبة المحشوة باللحم ويمتلئ المكان برائحة مميزة للأطعمة الويغورية.
وفى كاشغر، تجد الوفود السياحية الكبيرة أو الصغيرة فى كل منطقة سياحية. ولخص الزائر دي كانغ فى مدينة كاشغر بجملة واحدة هي: انها مدينة تمثل حياة الويغوريين بصورة شاملة.
إذا لم تزر كاشغر فهذا يعنى أنك لم تزر شينجيانغ لان هذه المدينة تحمل كل خصائص قومية الويغور. وبعد زيارة الأزقة القديمة وشارع الحرف اليدوية تبين لي ان كل مناطق المدينة جميلة. وان كاشغر تحافظ على تقاليدها، وهي مدينة تتمتع بقيمة سياحية رائعة.
وبالرغم من أن كاشغر تقع اقصي شمال غربي الصين الا أن مواصلاتها سهلة. وتصل الطائرات والقطارات إليها يوميا. يمكن الانطلاق إليها من بكين أو ارومتش.
(الصورة:شارع للأحياء القديمة فى كاشغر)
إذاعة الصين الدولية