في كل سنة، قبيل انتهاء الشتاء القارس وحلول الربيع الممتع، اعتاد الصينيون أن يحتفلوا بعيدهم السعيد الأول سنويا – عيد الربيع. سابقا كان عيد الربيع يسمى عيد رأس السنة الجديدة. هذا العيد يحل في اليوم الأول من الشهر الأول القمري حسب التقويم القمري الصيني. (حسب التقويم الميلادي يحل هذا العيد بين أواخر يناير وأواسط فبراير) ومنذ عام 1911 غيرت الصين تقويمها إلى الميلادي فغيرت اسم عيد الرأس السنة الجديدة إلى عيد الربيع تمييزا بينه وبين عيد الرأس السنة الجديدة للتقويم الميلادي.
عيد الربيع في الصين يرتبط بالزراعة التي تطورت في الصين منذ الأزمنة الغابرة. وكان الصينيون في أيام العيد يقدمون القرابين للآلهة والأسلاف، ويؤدون فيها صلاة الحصاد الوفير، فضلا عما يقام فيها من مهرجانات للرقص والغناء والتمثيل.
يبدأ الاحتفال بعيد الربيع في وقت يسبق حلوله. ففي اليوم الثامن من الشهر السابق (الثاني عشر القمري) يتناول الناس ((وجبة الثامن من الشهر الثاني عشر)) من الرز والدخن والرز اللزج والذرة الرفيعة واللوبيا الحمراء والثمر الصيني وبذور الخوخ والفستق السوداني. ويرمز هذا الطعام المحصول الوافر. وفي 23 منه تقدم القرابين ((الحارس)) المطبخ وتوضع أطباق الحلويات أما صورة ((الحارس)) لينزل فيأكل منها ويثنى على ربة المنزل حينما يعود إلى السماء ليرفع التقارير بشأنها إلى مسؤوله الأعلى .. وقد أبطل هذا التقليد بعد تحرير البلاد عام 1949.
ويزين الفلاحون بيوتهم برسوم رأس السنة. وهي تشتمل على مضمونات شتى. مثلا: طفل سمين يعانق سمكة شبوط، أو سباق القوارب التنين، وما أشبه.
كما تلصق اللافتات الربيعية على وواجهات المنازل. ومن بين هذه اللافتات أوراق حمراء يكتب عليها عبارات للتبرك والتفاؤل بالحياة السعيدة. وقد حلت هذه اللافتات محل ((حراس)) الأبواب اللذين كانوا يرسمون في لوحتين من خشب الخوخ تعلقان على الأبواب، والغرض من ذلك طرد الأرواح الشريرة. وكانت تسمى ((تعويذة الخوخ)).
في قديم الزمان كان تشو يواو تشانغ (1328-1398) أول إمبراطور لأسرة مينغ يحب اللافتات الربيعية. ذات سنة أمر وزراءه، كبارهم وصغارهم، ان يلصقوا زوجا من اللافتات على بواباتهم. بذلك انتشرت هذه العادة وظلت إلى يومنا هذا.
الليلة السابقة للعيد تسمى ((ليلة الوداع)) أي وداع السنة المنصرمة، وفيها يلتم شمل العائلة حول ((مائدة ختام السنة)) التي تجهز للتيمن بالحصاد الوافر. وبعد الانتهاء من الأكل يسهر أفراد العائلة حتى الصباح في السمر واللهو، ويسمى هذا ((سهرة العمر)).
وفي منتصف الليلة، تبدأ المفرقعات النارية لتوديع السنة العابرة واستقبال السنة الآتية. والمفرقات أساس تاريخي وخرافي معا، حيث يقال أن عفريت الجبل كان قد نشر الملاريا بين الناس. فأخذوا بإحراق الخيزران لطرد العفريت. ومن المعروف أن الخيزران يفرقع عند الاشتعال، وأصبحت الفرقعة في ذلك الوقت عادة متبعة في الأعياد يعبر بها عن الفرح والتفاؤل. وبعد اختراع البارود اتخذ الناس البارود والورق لهذا الغرض. وتستمر أصوات المفرقعات النارية طول ليلة الوداع إلى فجر يوم العيد. وفي صباح اليوم التالي تبلغ الاحتفالات ذروتها حيث يتبادل الأقارب والأصدقاء ((زيارات السنة الجديدة)).
تختلف عادات عيد الربيع باختلاف المناطق في الصين، نظرا لاتساع مساحتها، كما تختلف مأكولات العيد. ففي شمال الصين يأكلون (( جياوتسي)) وهي فطائر من العجين المحشو باللحم والخضراوات، وفي مناطق أخرى يأكلون حلوي تسمى ((نيانقاو)) ومعناها ((كل عام وأنتم في رقي)). وتعرض تمثيليات وبرامج تختلف بحسب المناطق منها المشي على الطوالات ورقصة فانوس التنين ورقصة الأسد ورقصة التجديف.
شبكة الصين