ثقافة

اقتصاد

دوليات

محليات

السيدة زوينة والمرأة العمانية

فريدة وانغ فو

مائة يوم أو يزيد قد انقضت منذ أن كنا في سلطنة عمان، ومع ذلك تبقى دائما أما ناظري صورة السيدة زوينة، بملامحها وصوتها وجمالها، تماما مثل مدينة مسقط هذه المدينة الحدائقية بين الجبال والصحراء.

زوينة، الموظفة بوزارة الإعلام العمانية، والتي رافقت الوفد الإعلامي الصيني في زيارته للسلطنة، حدثتنا بقلب مفتوح وحماسة وحب للحياة وللوطن عن المرأة العمانية؛ التي هي نموذج لها. ولكن كيف ظهرت المرأة العمانية على الصورة الرائعة التي هي عليها الآن؟

يقولون إن المرأة هي نصف المجتمع أو كما نقول في الصين نصف السماء، مما يدل على دور المرأة الهام في تقدم المجتمع. لكن هل الجميع، ومنهم النساء، يفعل بهذا القول ؟

زوينة، خريجة جامعية، زوجة لشاب عماني وأم لطفلين، تحب عملها في العلاقات العامة لوزارة الإعلام. عندما كنا في بلادها، كانت تقود السيارة بنفسها وتتابع شئون الوفد المكون من عشرة أشخاص لمدة عشرة أيام، تنظم اللقاءات والزيارات، لم تتأخر ولو مرة عن الموعد المحدد ولم يحدث أي خلل في اللقاءات، كانت خطواتها حثيثة وضحكاتها لا تنقطع. "أتعبناك!" قلنا لها مرات وهي تجيب "هذا عملي، أحبه، أتطلع إلى النجاح فيه، عندي هذه القدرة!"

ثقة زوينة بنفسها سبب مهم يجعلها تتمتع بحقها كامرأة. لاحظنا هذه الثقة أيضا من السيدة سميرة محمد أمين، عضو مجلس الدولة، حيث قالت لنا: عندما أبدي آرائي في اجتماعات مجلس الدولة لا أشعر بوجود أي اختلاف بيني وبين الأعضاء الآخرين، آراء النساء تحترم وكل الأعضاء يهتمون بها.

لكن المرأة نصف المجتمع فقط، ودعم النصف الآخر هو العنصر المحوري لإظهار المرأة دورها في المجتمع. في هذا المجال يبدو بعض الرجال رائعين حقا (عفوا، لا يسعني إلا أن أقول "بعض الرجال" لأنني لم أقم بالتحقيق)، وأعود للحديث عن زوينة مرة أخرى.. بعد انتهائنا من زيارتنا لمسقط واستعددنا لزيارة مناطق أخرى، سألنا زوينة: "هل ستسافرين معنا؟" "طبعا، أنا مرافقة لكم." وتركت زوجها وابنيها وسافرت معنا إلى نزوى، إلى الصحراء، إلى قبائل البدو.. جلسنا حول النار في الصحراء ليلا مستمعين إلى غناء ورقص البدوي مستشعرين عظمة وسعة الكون سمعناها تقول فجأة: "أو، أنا مشتاقة لابني!" لم يكن صوتها مرتفعا في هذه المرة، لكن قلبها الحنون كأم هز قلوبنا، هنا نحن أخذناها من ولديها في هذه الليلة. لكنها سرعان ما عادت إلى حماستها قائلة: "لا توجد مشكلة، والدهما معهما." حقا، عندما مررنا ببيتها بعد يومين من الصحراء إلى مسقط رأينا زوجها ينتظرها مع ولديها، فقلنا له: "نحن متأسفين، أخذنا زوجتك منك."وقال: "يومان، هذه المدة طويلة بالنسبة لي. لكن هذا عمله، عليها أن تؤدي عملها جيدا." ضحكت زوينة، وتأثرنا. دعم الرجل هو الكتف القوية التي تساعد المرأة في تحقق قيمتها في المجتمع.

لكن تنفيذ فكرة المرأة نصف المجتمع في أي بلد بحاجة إلى قاعدة، وقد اكتشفنا أن هذه القاعدة تترسخ باستمرار حاليا. من المعروف أن عمان قبل عام 1970 كانت بلدا فقيرا متخلفا بين الصخور الجرداء، لكن أثناء تنفيذ خطة النهضة الشاملة أدرج جلالة السلطان قابوس بن سعيد رفع مكانة المرأة في خطة نهوض عمان، حيث الاهتمام بالتعليم وتحرير الشخصية وتنفيذ سياسة تباعد المولودين مما جعل النمو السكاني يجري بصورة مخططة وجعل مستوى تربية الأولاد يرتفع، وحرر المرأة، بما يمكنها من الاتجاه إلى العمل الذي ترغبه. "هل تريدين إنجاب المولود الثالث؟" سألنا زوينة. "كلا!" قالت بصوت مرتفع، "أولا سأربي الولدين تربية جيدة، ثم أريد أن أواصل الدراسات العليا خارج البلاد لرفع مستواي، حتى أخدم عمان أكثر!" حقا، ترى المرأة في كل المجالات العمانية، وفي السنوات الأخيرة دخلت خمس عمانيات الحكومة على التوالي لشغل مناصب على مستوى وكيل الوزارة، ودخل ست من النساء مجلس الشورى ومجلس الدولة، وتم تعيين السيدة خديجة سفيرة لسلطنة عمان لدى هولندا عام 1999. وقالت السيدة سميرة محمد أمين إن تمثيل المرأة العمانية في مجلس الشورى ومجلس الدولة هو تشريف يعد سابقة بين دول المنطقة ويعكس ثقة صاحب الجلالة السلطان قابوس والشعب في إمكانيات وقدرات المرأة وأهمية دورها في بناء الوطن والمجتمع.

لذلك عندما قابلنا رئيس جامعة السلطان قابوس في مكتبه قدمت إحدى الأستاذات أحوال تعليم الدراسة العليا في الجامعة لأنها مسؤولة عنه؛ ورأينا في الجامعة أن نصف الدارسين في الجامعة الذين يبلغ إجمالي عددهم حاليا 10500 من الفتيات، اللواتي إذا قدر لهن أن يعشن قبل عام 1970 كان الاحتمال الأكبر أن يكن كلهن أميات فقد كان في كل عمان 3 مدارس ابتدائية فقط فكيف يمكن للبنات أن يجدن فرصة لتلقي التعليم. عندما دخلنا لجنة الفن التشكيلي مساء وجدنا أكثر من نصف الزائرين والفنانين من الجنس اللطيف. كما اكتشفنا في ألبوم معرض الفن التشكيلي الخامس للشباب أن نصف رسامي اللوحات الموجودة فيه من الإناث. وفي عمان لا تعدم رؤية شرطية تساعد التلاميذ في عبور الشارع، وقائدة طائرة مدنية.. من أجل تعزيز قدرة النساء على الاعتماد على الذات أقامت سلطنة عمان جمعيات المرأة العمانية، وبلغ إجمالي عددها 25 في مختلف مناطق السلطنة ومحافظاتها تضم نحو 3991 عضوا، وهي تقوم بالعديد من الأنشطة الاجتماعية في إطار جهود رعاية المرأة ورفع المستوى الثقافي والمهني والاجتماعي وذلك بالتعاون مع مراكز التأهيل السنوي بالإضافة إلى برامج التدريب في دورات الخياطة من جانب والبرنامج الوطني لتنمية المجتمعات المحلية والذي يمتد إلى كل المجتمعات السكانية الصغيرة والمتفرقة من جانب آخر ومن ثم تصل الرعاية الاجتماعية إلى كل مواطن ومواطنة أينما كان على أرض عمان.

تغيرت المرأة العمانية حقا، وتحمل نصف السماء في كل المجالات الاجتماعية العمانية! عندما رأيت زوينة توزع الأعمال على زملائها المرافقين لنا، قلت معجبة :"أنت رائعة!" فضحكت سعيدة وقالت بصوت عال: "أنا رجل!"

كلا، إنها ليست رجلا، هي امرأة عمانية! عندما كانت تقف بين أشجار التمر الخضراء مرتدية ردائها الأحمر كانت أشبه بزهرة عمانية جميلة؛ عندما كانت تحث خطوها بين المباني البيضاء لترتيب الأعمال في مسقط وهي في زيها الأخضر كانت رمزا للمرأة العمانية النشيطة المتطلعة إلى الأمام دوما!

(الصورة: السيدة زوينة أمام فندوق نزوي)

( كاتب المقالة: محررة مجلة "الصين اليوم" وهي عضو من وفد الإعلامي الصيني لزيارة سلطنة عمان )