بعد سبع سنوات من المداولات والمناقشات بدأ اخيرا العمل في تنفيذ مشروع محطة طاقة مضيق نهر مالينغ هذا العام.

ويقع مضيق نهر مالينغ في مدينة شنغيي بمقاطعة قويتشو في جنوب غرب الصين ويبلغ اجمالي مساحة المنطقة 450 كيلومترا مربعا. ويشمل المضيق 56 موقعا منظريا وتعكس تضاريسه المهيبة وغير العادية صورة كاملة للطبوغرافيا الكاريستية في هضبة يوننان ـ قويتشو. ونسبة لجيومورفولجيا أرض المنطقة الفريد فقد تُوجت بمنحها ألقاب " تراث طبيعي وطني" في عام 2006 و "موقع منظري رئيسي وطني " في عام 2994 و " حديقة جيولوجية وطنية" في عام 1994.

وبالنسبة للسكان المحليين فان الحزن تقريبا قد عم كل الوجود ، حيث قال بنغ ديانجي عضو لجنة المجلس الاستشاري السياسي للشعب الصيني بالولاية " سيدمر السد هذا المكان الكنز والهبة السماوية وقد اشتكي السكان من ان بداية المشروع تعني الاقتراب من شفير انهيار الموارد السياحية في مضيق نهر مالينغ".

واقترح بنغ مع 16 من زملائه علي الحكومة المحلية ازالة مشروع محطة التوليد الكهربائي من خطط البناء الرئيسية لعام 2006 وعدم موافقتها علي مثل هذا المشروع في المستقبل وقال بنغ " لكننا لم نتلق اي رد من الحكومة حتي الآن".

ووفقا لشن آنزي كبير المهندسين ومدير مركز بحوث الحدائق الجيولوجية فان مضيق نهر مالينغ يعتبر موقعا جيولوجيا نادرا في العالم ويحتوي تقريبا علي كل أنواع الطبوغرافيا الكارستية ، سلاسل جبلية ، قمم ، مضايق ، كهوف ، أنهار جوفية وشلالات. ووصفه المهندس شن بأنه موقع جيولوجي ذو قيمة بحثية ووقائية عالية جدا.

ويخترق النهر سلسلة جبلية مشكلا العديد من المنحدرات والمناطق الضحلة واوضح المهندس شن قائلا " خصوصا وقد شكلت اكثر من 70 شلالا العديد من ترسبات الكالسيوم علي الصخور العمودية. وتمثل هذه التضاريس الفريدة حقب ومراحل تاريخية جيولوجية مختلفة. وهي كنوز جيولوجية نادرة وأفضل مواد متوفرة في تاريخ دراسة تطور جيومورفولجيا نهر".

وقال المهندس شن " علي كل حال فان بناء السد سيغرق المضيق ومجاري النهر لن تُري مرة أخري أبدا وستُدمر جميع المواقع الجيولوجية" وأضاف " ويمكن أن أشم رائحة النفايات التي تجرفها مياه النهر. حيث أنه بمجرد بناء الحواجز لسد الانهار والجداول ستصبج هذه المجاري المتدفقة والتي كانت لها قدرات تنقية ذاتية بحيرات ساكنة وفيما بعد بِرك نفايات". وقال " يجب علي الناس التكيف مع الطبيعة بدلا عن محاولة تغببرها دائما".

وانتاب القلق البروفيسور شيه نينغقاو من مركز بحوث التراث العالمي بجامعة بكين عندما سمع ان بلدتين أوخريين في المجاري العليا لنهر مالينغ قدمتا طلبين لبناء محطة توليد كهربائي. وقال "من المتوقع أن تدخل محطة التوليد الكهربائي بطاقة 100 ألف كيلوواط 4 ملايين يوان (508.841 دولار امريكي) سنويا للخزينة المحلية. وعلي كل حال وبالمقارنة مع الارباح الكبيرة التي سيجلبها تطوير السياحة بالمنطقة في المستقبل فانه لا جدوي لبناء المحطة علي حساب تدمير كنز عالمي نادر".

وحلل شيه أهمية الحفاظ علي المضيق الطبيعي الساحر قائلا "يملك المتحف الجيولوجي الكارستي الضخم نظاما هيدرولوجيا بدائيا وتنوعا حيويا غنيا. وبقليل من عدم التعويق البشري يستطيع المناخ المصغر ان يواصل الحفاظ علي قيمته في المستقبل".

وقال شيه ان الدراسات التي اجريت اخيرا في منطقة مناظر شوانغلونغ السياحية في جبل جنهوا بمقاطعة تشجيانغ قد اظهرت ان 80% من السياح قد جعلوا الذهاب الي مناطق التضاريس الطبيعية البدائية خيارهم الاول.

وقال شيه "ان معايير اعجاب السياح الصينيين ترتفع سريعا وانهم يسعون لبلوغ اذواق ثقافية عالية ، معرفة علمية ، وتضاريس طبيعية بدائية وعلي كل حال لا يستطيع صناع السياسات المحلية عدم مواكبة العصر. وما زالوا يخططون لاستغلال مفرط للمحميات الطبيعية ومواقع المناظر الطبيعية ويريدون شبكة مواصلات سهلة من كل الاتجاهات ، فيما يتجاهلون حقيقة ان الحفاظ علي مثل هذه البيئات الايكولوجية البدائية كالممرات الجبلية والنهيرات بامكانه جلب المزيد من البهجة والسرور للسياح وان هذا يعكس القيمة الحقيقية للموقع السياحي او المنظري".

واقترح شيه أن ينظر المسؤولون المحليون الي المستقبل وقال محذرا "يجب أن يضعوا المصالح الشاملة والبعيدة المدي فوق المصالح الآنية، وان يكونوا مدركين تماما لحقيقة ان لا سائح سيأتي اذا ان كلا من المضيق والمجاري المتدفقة لم تعد موجودة".

وقال " ان الناس يحبون الاثارة الفريدة التي يجلبها طفوهم مع تيار النهر وعليه سيُفقد السد الناسَ اكثر من التصاريس" واضاف " ان هناك تكرارا متواصلا لحوادث مماثلة في العديد من مواقع المناظرالطبيعية السياحية حيث تبني الحكومات المحلية منازل وتبدأ مشاريع بناء في تلك المناطق باستثمارات ضخمة وقد يجني البعض ارباحا فورية ولكنهم يضحون بذهاب ارباح علي المدي الطويل .

وقال شن يجب ان نضع في اعتبارنا ايضا الارباح الثقافية والايديولوجية والتطور السياسي. ان الحدائق الجيولوجية ومواقع المناظر الطبيعية هي دائما اجمل المناطق في اي بلد لجذب العالم اليه وبامكانها ان تعكس بشكل افضل صورة البلد.

تملك الصين حاليا 187 موقع مناظر طبيعية سياحية تحت الحماية علي المستوي الوطني واكثر من 500 اخري علي مستوي المقاطعة . وعلي كل حال تواجه العديد منها اضرار الافراط في التنمية ويقول خبراء ان الموارد الطبيعية النادرة ظلت مستعلة لاكثر من 5 ألاف سنة بواسطة اسلافنا وما زلنا تستخدمها حاليا وان مسالة ما اذا كانت الاجيال القادمة ستستخدمها ام لا فان ذلك يعتمد علي فهمنا لهذا الامر.