فن الطبل في مقاطعتي شنشي وشانشي(صور)

رقص طبل الخصر في باحة دار فلاح يجذب مشاهدين كثيرين

صاجات الأصابع المستخدمة في

عرض صنوج وطبول الهيبة في

مقاطعة شانشي

الطبل من أقدم آلات النقر في الآلات الموسيقية الصينية . يحكى أن هوانغ دي ــ السلف الأول للأمة الصينية ــ هو الذي اخترع الطبل . فقد جاء في اعرق مجموعة من الحكايات الأسطورية في الصين بعنوان (( كتاب الجبال والبحار )) انه قبل 4600 سنة كان زعيم العشائر في سهول الصين الوسطى هوانغ دي يحارب زعيم العشائر الشرقية تشي يو . ومن اجل رفع معنويات جنوده صنع طبلة كبيرة يمكن أن تصدر صوتا مدويا إذا قرعت . ومن بعده ، اصبح الطبل مرتبطا ارتباطا وثيقا بحياة الشعب الصيني ، ولا يستخدم في المعارك لشحذ شجاعة المحاربين فحسب ، بل يستخدم أيضا في الاحتفالات في الأعياد والمراسيم في المناسبات وعروض الرقص والموسيقى . في مدينة بكين برج طبل عليه طبلة كبيرة و24 طبلا صغيرا تقرع في مواعيد محددة يوميا. وخلال الفترة من أسرة مينغ الى أسرة تشينغ ( 1368-1911) ظل هذا البرج مع برج الجرس في شماله يلعبان دور مركز إعلان الوقت لكل المدينة

في الوقت الحاضر ، في الصين اكثر من ألف نوع من الطبول ما بين كبير وصغير أشكالها متنوعة ومختلفة . وفي مقاطعتي شنشي وشانشي اللتين تتربعان في سهول الصين الوسطى ، أي في موطن هوانغ دي الأصلي ، يعتبر رقص " آنساي ياوقو " ( طبل الخصر في آنساي ) وعرض " ويفنغ لوقو" ( صنوج وطبول الهيبة ) من اشهر الفنون الفولكلورية المتعلقة بالطبل والمتميزة بالخصائص المحلية الفريدة.

 

طبل الخصر في آنساي

رقص طبل الخصر .. رقص منتشر في شمال غربي مقاطعة شنشي . انحدر هذا الفن الفولكلوري الجامع بين الرقص والأغنية الشعبية وحركات " ووشو" ( الكونغفو) وموسيقى النقر وموسيقى النفخ من هضبة اللوس ، وسمي باسم " طبل الخصر" لأن الراقص يتمنطق طبلا صغيرا بيضوي الشكل ( أي طبل الخصر ) أثناء ممارسته ، وهو يقرعالطبل من جهة ويرقص على دقات الطبل الإيقاعية من جهة أخرى. وبالإمكان ممارسته من قبل شخص واحد على الأقل، وما يزيد عن ألف شخص على الأكثر . وقد عثر في قبر قديم يعود تاريخه الى عهد أسرة سونغ(960-1279) في مقاطعة شنشي على طوبتين منقوشتين بصورة تمثل شخصين يقرعان طبل الخصر ويرقصان ، وحركاتهما شبيهة بحركات الراقص اليوم والراقص يقفز الى الهواء مفرشخا . صورت الطوبتان رقص طبل الخصر في منطقة شمالي شنشي قبل ألف سنة تصويرا حيا ، وقدمت معطيات مادية ثمينة ودقيقة لدراسة تاريخ وتطور رقص طبل الخصر هناك.

 

يتطاير الغبار مع خطوات راقصي طبل الخصر وذلك للتعبير عن عبادتهم للأرض الصفراء

عازفون في عرض صنوج وطبول الهيبة يرتدون أزياء المحاربين في العصور القديمة

محافظة آنساي من إقليم يانآن هي الأشهر بممارسة رقص طبل الخصر في مقاطعة شنشي ، لذا ما إن يذكر اسم طبل الخصر ، حتى يتبادر الى الأذهان اسم آنساي . وحسبما جاء في الحكايات المحلية أن طبل الخصر كان من المعدات العسكرية الضرورية لأفراد الجيش شأنه شأن السيف والرمح والقوس والسهم وغيرها من الأسلحة قبل وقت مبكر يعود الى عهد أسرة تشين ( 221- 207ق.م ) وأسرة هان (206 ق.م –220 م) . فقد قرع الطبل في حالة الهجوم المباغت من العدو انذارا بالخطر ونقلا للخبر ؛ ودق في أثناء القتال لرفع معنويات الجنود وتشجيعهم ؛ وبعد الانتصار نقر الجنود طبول الخصر في احتفالات . ومع مرور الزمن ، تحول طبل الخصر من أداة عسكرية الى أداة موسيقية تدريجيا ، واعتاد الجمهور المحلي على ممارسة رقص طبل الخصر في طقوس الصلاة والاحتفال بالحصاد وعيد الربيع . وغالبا ما يعرض رقص طبل الخصر في المناسبات السارة ومهرجانات المعبد ، وخاصة في الفترة ما بين عيد الربيع الى عيد الفوانيس ( أي من رأس السنة القمرية الى الخامس عشر من الشهر الأول القمري) كل سنة ، وأحيانا يستمر حتى الـ17 أو الـ18 من الشهر نفسه . وبعد ذاك يبدأ الناس يستعدون للحراثة الربيعية. 

قال الناس المحليون إن رقص طبل الخصر يجب أن يمارس في مكان به تراب كي يتطاير مع خطوات الراقصين تعبيرا عن عبادتهم للأرض التي تربيهم وإظهارا لمزاجهم العاطفي الطليق والحماسي . فنرى الراقصين يحركون أيديهم وأرجلهم بخفة ورشاقة على دقات الطبل البطيئة حينا ، ويؤدون حركات القفز والدوران الجياشة على دقات الطبل السريعة حينا آخر . وفي ذروة الرقص يقفز الراقصون في الهواء عاليا ، فتحوز مهارتهم على تهليل المشاهدين وإعجابهم دائما

قال سائح أمريكي بتعجب بعد مشاهدته رقص طبل الخصر في آنساي وسط الغبار الأصفر المتطاير :" ظننت في الماضي أن الرقص الشعبي التقليدي الصيني رقيق ولطيف ليس غير ، لكن اليوم شاهدت رقصا مفعما بالغريزة الطبيعية والعاطفة القوية ، كم هو رائع ومؤثر. 

 

عرض صنوج وطبول الهيئة

في مقاطعة شانشي المجاورة لمقاطعة شنشي فن فولكلوري آخر يتعلق بالطبل ، ألا وهو عرض صنوج وطبول الهيئة ، الذي يبدو وكأنه عرض مهيب لجوقة موسيقية عسكرية. 

يقدَّم عرض صنوج وطبول الهيئة بأربعة أنواع من الآلات النقرية : الطبول والصنوج والأجراس القرصية وصاجات الأصابع ، وينتشر في مناطق هوتشو ولينفن بالمقاطعة . قيل إن لي شي مين ، إمبراطور في أسرة تانغ ( 618 –907 )، كان يهاجم مدينة هوتشو على رأس جيشه في عام 619 ، ولم ينجح لمدة طويلة . فاختار مائة طبال وصناج يقدمون عرضا في الموقع الأمامي ، وهزت أصوات الطبول والصنوج الأرض والسماء . فاغتلى الجنود حماسة وانطلقوا تقدما على أصوات الطبول وتراجعا على أصوات الصنوج بانتظام ، وسرعان ما اسقطوا المدينة. وبعدئذ ، شاع هذا الشكل من العزف الجماعي للطبول والصنوج بين صفوف الشعب ، وصار يمارس في الاحتفالات والمهرجانات وطقوس استقبال الآلهة وطرد الأرواح الشريرة . وبسبب مشهد العرض العظيم سماه الناس " صنوج وطبول الهيبة". 

 

تتجلى هيبة العرض في النواحي التالية

أولا ، الأصوات مهيبة . في العرض تقرع الطبول لتصدر دقات إيقاعية قيادية ، وتنقر الصنوج لعزف أنغام رئيسية . وتشكل الأجراس القرصية وصاجات الأصابع قسمين صوتيين يعزفان على التناوب . وعادة تكون نسبة الأنواع الأربعة من الآلات النقرية هي : 2 من الطبول و4 من الصنوج و8 من الأجراس القرصية و2 من صاجات الأصابع . ويتراوح عدد العازفين بين 400 و500 فرد في الوقت الحاضر . وعندما تنقر مئات آلات النقر معا ، تتعالى أصواتها المدوية تطرق الأسماع قريبة كانت أم بعيدة ، وتشعر الناس بهيبة ووقار لي شي مين الذي كان يقود جيشه الى المعارك في تلك السنوات الغابرة. 

ثانيا ، الأنغام مهيبة . المقطوعات المعزوفة للعرض عديدة ، يمكن تقديمها على حدة ، أو في مجموعة تضم عدة مقطوعات . أكثرية المقطوعات مكونة من ثلاثة أقسام : الافتتاحية والذروة والخاتمة . وعناوينها مقتبسة من القصص الحربية التاريخية . وتمتاز أنغام المقطوعات بأسلوب مثير ومهيج للحواس . وغالبا ما يبدأ العرض بقرع الطبول ، ثم يتحول الى عزف الأنغام الناعمة تارة والمجلجلة طورا ، فيخيل للمستمعين أنهم عادوا الى ساحة المعركة القديمة التي تتضارب فيها السيوف كالكواكب المتهاوية. 

ثالثا ، المشهد مهيب . يقدم العرضَ عدة مئات من العازفين عموما ، وهم يرتدون جميعا أزياء المحاربين في العصور القديمة ، ويلتزمون تشكيلات قتالية في تحركاتهم الى الأمام والوراء ، والى اليمين واليسار . فالمشهد أشبه بمشهد التشكيلات الجماعية الرياضية الضخمة في يومنا هذا. 

يعد ميدان المعركة أقدم مكان يظهر فيه الطبل جبروته ، حيث استخدم لقيادة القتال وتعزيز المعنويات . ويمثل عرض صنوج وطبول الهيبة اليوم جبروت الطبل هذا بالذات . فلا غرو أن وصف من شاهده بأنه يبعث على الشعور بأن مياه النهر الأصفر الهائجة تتدفق كأن هناك عشرة آلاف حصان تركض في أن واحد. 

لكل من رقص طبل الخصر في آنساي وعرض صنوج وطبول الهيبة مزاياه الخاصة رغم استناد كليهما الى الطبل في العزف . فالطبول من النوع الأول صغيرة وخفيفة ومن النوع الأخير كبيرة وثقيلة . ويتميز كلاهما بسمات الإيقاع المرح والحماس والتحرر والانطلاق ، وقد ادرج في قائمة التراث الثقافي غير المادي للصين بصفتهما فنا فولكلوريا عريقا. 

 

الصين المصورة  /  أغسطس  2006  / 

Friday
August 11, 2006
الصفحة الأولى
أخبار في صور
الصين
العالم
المال والاقتصاد
العلم والتعليم
الثقافة والفن
البيئة
السياحة
المجتمع والحياة
المرأة والطفولة
الصين والعالم العربي
HOT LINK
الصين اليوم
<
الصين المصورة
<
وكالة أنباء شينخوا
<
صحيفة الشعب اليومية
<
اذاعة الصين الدولية
<
سفارة الصين لدى مصر
<

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-68326688