للتبادل الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر تاريخ عريق. ففي النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، كانت مصر همزة وصل على طريق الحرير البحري المؤدي إلى أوروبا، وكانت تجارة الترانزيت مزدهرة إلى حد كبير. اكتشف الأثريون كثيرا من الخزفيات الصينية في منطقة الفسطاط القديمة بالقاهرة، تشمل الخزفيات الثلاثية الألوان والخزفيات الزرقاء والبيضاء لفترة أسرة تانغ، والخزفيات الملونة والخزفيات ذات الأشكال الزرقاء لفترة أسرتي مينغ وتشينغ، مما يدل على التاريخ البعيد للتبادل الاقتصادي والتجاري بين الشعبين الصيني والمصري.
قبل تأسيس جمهورية الصين الشعبية، كانت هناك تبادلات رسمية بين مصر وحكومة الكومينتانغ، وأقام الطرفان العلاقات الدبلوماسية عام 1942. في مايو 1956 قررت حكومة الرئيس جمال عبد الناصر سحب اعترافها بسلطة تايوان. بعد مؤتمر بانغدونغ عام 1955 بدأت الصين مصر تبادلات مكثفة، وتبادل وزير الصناعة والتجارة المصري محمد أبو نصير ووزير التجارة الخارجية الصيني يا تسي تشوانغ الزيارات، وفي أغسطس ذلك العام، وقعت الدولتان أول اتفاق تجاري بينهما. في 30 مايو 1956 أقامت مصر العلاقات الدبلوماسية رسميا مع جمهورية الصين الشعبية. في أكتوبر العام التالي، وقعت الحكومتان "اتفاق الدفع"، الذي ينص على القيام بتصفية الحساب للتجارة بين الدولتين بأسلوب تسجيل الحساب. وعلى مدى ثلاثين عاما بعد ذلك، قامت الدولتان بالتجارة بأسلوب تسجيل الحساب، وتبادلتا زيارات الوفود بالتناوب، ووقعتا بروتوكول التجارة السنوي مرفقا معه قائمة الصادرات، لتنفذها الشركات الحكومية من الطرفين. في أغسطس 1985 وقعت حكومتا الطرفين اتفاقا تجاريا جديدا ينص على تحويل أسلوب تجارة من تسجيل الحساب إلى التجارة النقدية ابتداء من أول يناير ذلك العام. في عام 1992 أقامت حكومتا الدولتين آلية اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة. في عام 1994 وقعت الحكومتان "اتفاق حماية الاستثمار". في عام 1995 وقعتا اتفاق اقتصاديا وتجاريا جديدا. منذ عام 1997 وقعت الدولتان على التوالي "مذكرة حول مساعدة الصين مصر في بناء منطقة خليج السويس الاقتصادية الخاصة"، "اتفاق إطاري حول التعاون في قطاع البترول"، "اتفاق تشجيع الحكومة الصينية مواطنيها للسياحة في مصر كقصد سياحي لهم " الخ. في عام 2001، بدأ تفعيل آلية للتبادل الشعبي الثنائي، الأمر الذي دفع التوسيع المتواصل لحجم التعاون بين الدولتين، وتتوسع مجالات التعاون باستمرار.
بفضل تشجيع الحكومتين، ظهر توجه النمو السريع للتجارة بين الصين ومصر منذ أواسط تسعينيات القرن العشرين. وازداد حجم التبادل التجاري بينهما أضعافا، أنظر على الجدول التالي:
حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر منذ عام 1950
قبل عام 1991، وباستثناء سنوات قليلة كانت قيمة التجارة الثنائية أقل من مائة مليون دولار أمريكي، لم يكن الفرق في التجارة بين البلدين كبيرا، لكل منهما فيض أو عجز بصورة متبادلة. بعد أواسط تسعينيات القرن الماضي، ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر كثيرا، وبلغ 09ر1 مليار دولار أمريكي عام 2003. ثم بلغ 577ر1 مليار دولار أمريكي عام 2004، بزيادة 7ر44% عن نفس الفترة من العام السابق. في عام 2005، وصل 145ر2 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1ر36% عن نفس الفترة من العام السابق، منها بلغت قيمة الصادرات الصينية 934ر1 مليار دولار أمريكي، بزيادة 3ر39%، وقيمة الواردات الصينية 211 مليون دولار أمريكي، بزيادة 12%.
لقد عقدت اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة للصين ومصر 5 اجتماعات. في يناير 2002، أقيم مجلس الأعمال الصيني المصري المشترك بهدف تعزيز التبادل بين الشركات والمؤسسات من البلدين في بكين. وقام الطرفان بتعاون المنفعة المتبادلة في الاقتصاد والتكنولوجيا والعمالة ومقاولة المشروعات، وأسست الصين مشروع مركز المؤتمرات الدولي بالقاهرة لمصر.
في التجارة بين الصين ومصر، من بين المنتجات الرئيسية التي تصدرها الصين لمصر: الأزياء، الغزل الرفيع، المحبوكات ومنتجاتها، الأحذية، الحقائب؛ الأجهزة والماكينات العادية وقطع غيارها، ماكينات المحركات وأجهزتها؛ منتجات الاتصالات والمعلومات الصوتية الخ. وتستورد الصين من مصر رئيسيا: الرخام، الفولاذ والحديد، سبائك الألمنيوم، البترول ومشتقاته، المنتجات غير المعدنية؛ القطن الطويل التيلة، الكتان، الغزل، المنسوجات. ويحتل الرخام نحو 50% من واردات الصين من مصر. وسعت الصين مجالات التعاون مع مصر بواسطة المعارض والترويج، لرفع مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وحقق تعاون المنفعة المتبادلة بين الطرفين في قطاعات السيارات والاتصالات والأدوية نجاحا ملحوظا. وفي ناحية تجارة الخدمات، تدفع شركة كوسكو وشركة تشاينا شيبينغ رسوما أكثر من مائة مليون دولار أمريكي لمصر سنويا عندما تمر بقناة السويس.
مع توثيق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين يوميا، تتوسع مجالات التعاون بينهما باستمرار، إلى الاستثمار والعلوم والتكنولوجيا والهندسة وتنمية المناطق.
في مجال الاستثمار، وقعت الحكومتان الصينية والمصرية "اتفاقية حماية الاستثمار" و"اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي" في إبريل 1994 وأغسطس 1997 كل على حدة، وأقامتا "المركز الصيني لتنمية التجارة والاستثمار" في المنطقة الحرة بالإسكندرية ، وأقامتا مركز التجارة بالقاهرة لتقديم خدمات لتجارة واستثمار الشركات الصينية في الصين. حاليا ينتشر الاستثمار الصيني في مصر رئيسيا في الغزل والنسيج والأزياء والأحذية وتصنيع الرخام وحفر آبار البترول وصيانتها والصناعة الكيماوية ومواد البناء والمرافق الأساسية وغيرها من القطاعات. حسب الإحصاء المصري الرسمي، بلغ حجم الاستثمار الصيني في مصر 9ر29 مليون و2ر32 مليون و4ر45 مليون دولار أمريكي في عام 2000 و2001 و2002 كل على حدة. إلى نهاية 2004، بلغ عدد الشركات بالاستثمار الصيني أو بالاستثمار الصيني المصري المشترك المسجلة في مصر 110، وقيمة الاستثمار فيها 150 مليون دولار أمريكي. تشارك الشركات الصينية بنشاط في أعمال إنشاء وتطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بشمال غربي خليج السويس. في عام 1998 أقامت منطقة تيانجين للتنمية الصينية مع 4 شركات مصرية شركة الاستثمار الصيني المصري المشترك، وحصلت على حق تنمية 8ر21 كم مربع من قطعة الأرض رقم 3. الآن أنجز بناء مرافق المياه والصرف والطرق وقنوات الاتصالات وغيرها من الإنشاءات الأساسية في مواعيدها المحددة. ودخلت هذه المنطقة مشروعات الرخام والورش العادية وأسمنت الزفت والأزياء الداخلية المحبوكة. وبدأ عمل مشروع الوردة البيضاء للأزياء المحبوكة الفاخرة الذي استثمرت الصين فيه في أغسطس 2004 في المنطقة الاقتصادية لشمال غربي السويس حاليا، تقيم هذه المشروع شركة الوردة البيضاء بمدينة تيانجين الصينية رئيسيا، تنتج 600 ألف قطعة من الأزياء المحبوكة الفاخرة، وتوفر 100 فرصة عمل للمواطنين المصريين. سيدفع تشغيله السلس استثمار الشركات الصينية في هذه المنطقة. شاركت الشركات الصينية في أعمال المقاولات المصرية، من بين المشروعات التي تقدمت الشركات الصينية بعطاءات لها وتتابعها حاليا: مشروع تنقيب البترول في الصحراء الغربية، مشروع تصنيع 200 عربة قطار، مشروع المترو، مشروع التعاون في الاتصالات ومشروع الكابل ذي الجهد العالي.
وفي نفس الوقت تشجع مصر الشركات المصرية لتستثمر في الصين. إلى نوفمبر 2004، استثمرت مصر في 39 مشروعا بالصين، قيمتها التعاقدية 27ر44 مليون دولار أمريكي، وقيمة الاستثمار الفعلية 14ر8 ملايين دولار أمريكي. يتمركز الاستثمار في الغزل والنسج والأزياء والحقائب والأدوات الدراسية والمنتجات البلاستيكية رئيسيا.
مع التطور الجياش لنمو الاقتصاد الصيني، وبينما تطور الصين التعاون الاقتصادي والتجاري مع مصر، عززت الصين قوتها لمساعدة مصر. أثناء زيارة الرئيس الصيني هو جين تاو لمصر في يناير 2004، وقع الطرفان اتفاقا حول تقديم الصين منحة لمصر قدرها 80 ملايين يوان وقرضا بفائدة تفضيلية قدره 200 مليون يوان كمساعدة صينية جديدة لمصر. في ديسمبر 2004 تبادلت الحكومتان الخطابات حول مشروع المرحلة الثانية لمساعدة الصين لمصر في التعليم عن بعد إجمالي قيمته 30 مليون يوان، مما عجل خطوات التعاون العلمي والتكنولوجي. حاليا تشمل المشروعات التي تحت التنفيذ مدرسة اللغة الصينية، التعاون في تكنولوجيا زراعة الفطر ومشروع الفول الخ. عزز الطرفان التبادلات الودية بينهما من خلال إقامة التبادلات الثقافية والدعائية بأشكال مختلفة.
شبكة الصين / مايو 2006 /
|