2 ـ دفع السلام والتنمية في العالم بالتنمية الذاتية
 

 

السلام هو أساس التنمية، والتنمية هي أصل السلام. وفي خلال السنين العديدة، بذلت الصين حكومة وشعبا جهودا دائبة في سبيل الظروف الدولية السلمية، فهي تعز للغاية الظروف الدولية السلمية بفضل النضال المشترك للبلدان والشعوب المحبة للسلام والساعية وراء التقدم في العالم، وتتشبث بالانكباب على البناء والعمل على التنمية بقلب واحد وعزيمة واحدة، وتضيف من خلال التنمية الذاتية عوامل إيجابية إلى السلام والتنمية في العالم باستمرار لدفع تطور قضية التقدم الحضاري البشري.

تحتاج التنمية الصينية إلى ظروف دولية سلمية. فمنذ عام 1978، بذلت الصين قصارى جهودها من أجل تطوير نفسها في الظروف الدولية السلمية، إذ نما إجمالي ناتجها المحلي من 4ر362 مليار يوان (نحو 3ر215 مليار دولار أمريكي حسب معدل سعر الصرف بين الرنمينبي والدولار الأمريكي في نفس العام) وازداد إلى 8ر15987 مليار يوان في عام 2004 (نحو 7ر1931 مليار دولار أمريكي حسب معدل سعر الصرف بين الرنمينبي والدولار الأمريكي في نفس العام) وتجاوز معدل سرعة الزيادة 9٪ سنويا حسب السعر الثابت؛ وارتفع نصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي مما يقل عن 300 دولار أمريكي إلى ما يزيد عن 1400 دولار أمريكي. وحققت الصين تقدما جديدا في بناء الحضارة السياسية، فشهد النظام الديمقراطي بالبلاد إكتمالا متواصلا، وحصلت حرية المواطنين وحقوقهم على حماية وضمان وفقا للقانون، ومارس أبناء الشعب حقوقهم للمشاركة في الانتخابات الديمقراطية واتخاذ القرارات بطرق ديمقراطية والإدارة الديمقراطية والمراقبة الديمقراطية وفقا للقانون. لقد تشكلت في الصين منظومة قانونية قوامها الدستور الوطني، ووضع البرنامج الأساسي لحكم البلاد طبقا للقانون في موضع التنفيذ. وتطورت قضايا التعليم والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والصحة والرياضة البدنية في الصين تطورا سريعا، وسدت باستمرار حاجات الشعب المتزايدة إلى الثقافة الروحية. وعززت الصين بناء المجتمع المتناغم، وبذلت ما في استطاعتها لصيانة وتحقيق الإنصاف والعدالة الاجتماعية، وزيادة الحيوية الإبداعية للمجتمع كله، وتشديد بناء وادارة المجتمع، والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي، وتحقيق التعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة.

إن التنمية الصينية جزء هام من التنمية العالمية. فقد دفعت الصين بتنميتها الذاتية سلام العالم، وقدمت مساهمات في سبيل التطور والتقدم للمجتمع البشري.

قدمت الصين مساهمات في تحقيق التنمية المستدامة للبشرية. ومن خلال تلخيص تجارب التنمية في الماضي والرجوع إلى نتائج تطور الحضارة البشرية الحديثة، غيرت الصين مفهوم التنمية وأبدعت نمطها ورفعت نوعيتها على ضوء المفهوم العلمي للتنمية. وفي السنوات العديدة، ظلت الصين تبحث عن طريق تصنيع من الطراز الجديد يتسم بالمكونات العلمية والتكنولوجية العالية والفعالية الاقتصادية الجيدة واستهلاك الموارد المنخفض والتلوث البيئي القليل وإظهار تفوق الموارد البشرية تماما، وثابرت تبذل ما في وسعها لجعل المجتمع كله يسلك طريق التنمية الرشيدة المستدامة الذي من شأنه أن يضمن تطوير الإنتاج ورخاء الحياة وجودة البيئة. ونجحت الصين في تطبيق سياستها السكانية، مما ساعد في تأجيل نمو إجمالي سكان العالم. وأولت الصين أهمية عظمى للاقتصاد في موارد الطاقة، واتخذت إجراءات مختلفة لتوفير الطاقة. ففي فترة 1980 ـ 2000، تضاعف إجمالي الناتج المحلي في الصين أربع مرات، بينما تضاعف استهلاكها من الطاقة مرة واحدة فقط. وبفضل تعزيز حماية البيئة في الصين، تمت السيطرة أساسيا على إجمالي انبعاث الأدخنة والغبار عند مستوى عام 1980 في ظروف زيادة عدد المولدات المركبة في المحطات الكهرحرارية إلى حد كبير في أكثر من العقدين الماضيين. وفي عام 2004، انخفض استهلاك الطاقة لكل عشرة آلاف يوان من إجمالي الناتج المحلي الصيني بنسبة 45٪ بالمقارنة مع عام 1990. وقد أصدرت الصين خطة متوسطة وطويلة الأجل لتوفير الطاقة ترمى إلى توفير الطاقة بنسبة 3٪ سنويا أي بما مجموعه 4ر1 مليار طن من الفحم العياري بحلول عام 2020.

قدمت الصين مساهمات في تخفيف فقر الإنسان وتحسين نوعية حياته. فقد نجحت الصين في حل مشكلة الغذاء لقرابة 22٪ من سكان العالم باستخدام ما يقل عن 10٪ من إجمالي الأراضي الزراعية العالمية، الأمر الذي حقق معجزة في الدنيا. شهد مستوى معيشة شعبها البالغ عددهم 3ر1 مليار نسمة تحسنا مستمرا، لقد خلصت الحكومة الصينية بصورة أولية زهاء 220 مليون نسمة من الفقر، ووضعت 05ر22 مليون نسمة من سكان الحضر تحت مظلة نظام ضمان الحد الأدنى من مستوى المعيشة، وقدمت مساعدات إلى أكثر من 60 مليون معاق. وارتفع معدل نصيب الفرد من العمر المتوقع من 35 عاما قبل ولادة الصين الجديدة عام 1949 إلى 95ر71 عام حاليا، فوصل إلى مستوى الدول المتطورة المتوسطة.

قدمت الصين مساهمات في صيانة سلام العالم ودفع التعاون الدولي. فطورت الصين علاقات الصداقة والتعاون مع مختلف البلدان في العالم على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، مما عزز التعايش السلمي والمعاملة على قدم المساواة بين الدول. وتمسكت الصين بمبادئ حسن معاملة الدول المجاورة باعتبارها دولا شريكة، وحسن الجوار والمودة، الأمر الذي أدى إلى التطور المستمر لعلاقات الصداقة والتعاون مع البلدان المجاورة وسائر الدول الآسيوية، وإلى توسيع المصالح المشتركة بينها بإطراد. وأقامت الصين علاقات تعاون مختلفة الأشكال مع الدول الكبرى الرئيسية، وواصلت تعزز الحوار والتبادل والتعاون معها. كما وثقت الصين باستمرار التعاون مع الجم الغفير من الدول النامية، وبذلت ما في وسعها لتحقيق تبادل التفوق والتنمية المشتركة مع هذه الدول في إطار تعاون الجنوب ـ الجنوب. وشاركت الصين بنشاط في معالجة المسائل الساخنة الدولية والإقليمية، حيث تلتزم بالواجبات الدولية واسعة النطاق وتعلب دورا بناء مفعما بروح المسؤولية أيضا.

قدمت الصين مساهمات في سبيل دفع التنمية الاقتصادية العالمية. ففي ظل اشتداد تموج الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة، حافظ الاقتصاد الصيني على تطور مستقر وسريع، مما جاء بالأمل والقوة المحركة لنمو الاقتصاد العالمي. وأظهرت المعلومات التي أعلنها البنك الدولي أن معدل مساهمة النمو الاقتصادي الصيني في النمو الاقتصادي العالمي بلغ 13٪ في فترة 2000 ـ 2004. وفي عام 2004، شهد الاقتصاد العالمي أسرع نمو منذ قرابة 30 سنة، ووصل معدل النمو الاقتصادي الصيني إلى 5ر9٪، مشكلا قوة دافعة هامة للنمو الاقتصادي العالمي. وفي نفس العام، تضاعف إجمالي حجم الواردات والصادرات الصينية مرة واحدة قياسا إلى ما قبل ثلاث سنوات ليصل إلى 8ر1154 مليار دولار أمريكي، منها 4ر561 مليار دولار أمريكي قيمة الواردات بزيادة قرابة ضعف عما قبل ثلاث سنوات. وحتى نهاية عام 2004، استخدمت الصين فعليا ما مجموعه 3ر745 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات الأجنبية، ووافقت على أكثر من 500 ألف من مؤسسات الاستثمارات الأجنبية.

قدمت الصين مساهمات في سبيل الاستقرار والتنمية للمناطق المجاورة. ففي آسيا أكثر من 20 دولة تحد الصين برا أو تتاخمها بحرا. واستفادت الدول المجاورة من تطور اقتصاد الصين المستمر ومجتمعها المتناغم والمستقر وشعبها يعيش بطمأنينة ويعمل بارتياح. ظل الاقتصاد في منطقة آسيا ـ الباسفيك يحافظ على نمو معدله أكثر من 6٪ سنويا في فترة 1999 ـ 2004. ومن أجل ضمان التنمية المتواصلة للمناطق المجاورة في الظروف المستقرة، كانت الصين في صدمات الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 قد تغلبت على صعوبة تلو أخرى للتمسك بسياسة استقرار قيمة الرنمينبى وتوسيع الطلب الداخلي، وقدمت مساعدات في متناولها إلى الدول المتعرضة للأزمة الشديدة، ولعبت دورا في التغلب على هذه الأزمة نهائيا. وأمام كارثة السارس المفاجئة عام 2003، اتخذت الحكومة الصينية إجراءات حاسمة وفي نفس الوقت، عملت بالجهود المشتركة مع الدول المجاورة في تذليل المصاعب حتى تحقيق السيطرة الفعالة على انتشار حالات هذا الوباء. وعقب حدوث التسونامى (الأمواج البحرية الزلزالية) في المحيط الهندى بنهاية عام 2004، قدمت الصين حكومة وشعبا مساعدات صادقة في حينه إلى الدول المنكوبة، في أعمال الإغاثة وإعادة التعمير، وبذلك نفذت أكبر عملية للإغاثة الخارجية منذ ولادة الصين الجديدة عام 1949. وبعد وقوع الزلزال في جنوب آسيا في اكتوبر 2005، قدمت الصين مساعدات إيجابية إلى أهالي المناطق المنكوبة هناك.

رغم أن الصين قد حققت منجزات مرموقة عالميا في البناء، لكنها مازالت أكبر الدول النامية في العالم، فإن المهمة التي تواجهها في التنمية ما برحت شاقة وثقيلة للغاية. حسب أحدث إحصاءات البنك الدولي والمعطيات التي تعلنها الصين حديثا، في عام 2004، لم يمثل إجمالي حجم الاقتصاد الصيني سوى 6ر16٪ من نظيره الأمريكي، ولم يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي سوى 6ر3٪ من نظيره الأمريكي و0ر4٪ من مثيله الياباني، فتحتل الصين المركز رقم 129 بين الـ 208 دول ومناطق بالعالم في هذا الصدد. وحتى نهاية عام 2004، مازال 1ر26 مليون نسمة من سكان الأرياف الصينية يعيشون تحت خط الفقر، وتحتاج الصين إلى تسوية مسألة التوظيف لقرابة 24 مليونا من سكان الحضر والريف سنويا، بالإضافة إلى أكثر من 100 مليون من الأيدى العاملة الريفية يجب تحويلها إلى قطاعات غير زراعية للتشغيل. ولا تزال الصين تحتاج إلى خوض نضال شاق طويل الأمد في سبيل الوصول إلى مستوى التنمية الاقتصادية لدى الدول المتطورة المتوسطة وتحقيق الرخاء المشترك لكافة أبناء الشعب. تسعى الصين بجهود دائبة وراء ظروف دولية سلمية لتطوير نفسها وتدفع السلام والتنمية في العالم من خلال تنميتها الذاتية، إنه لأمر يتحلى بمغزى هام خاص تجاه الصين والعالم.