لاسا 31 اغسطس / شينخوانت / بعد ظهر يوم الجمعة , يتردد صوت المؤذن المديد والقوى على شارع تسيسو الشرقى بالقرب من معبد جوكانغ بمدينة لاسا . ذلك ايذان بصلاة الجمعة المهيبة فى مسجد لاسا الكبير فى البقاع البوذية المقدسة بمنطقة التبت .
حسب المعطيات التاريخية , كان المسلمون يتنقلون بين التبت والمناطق الغربية وكشمير حتى استقروا فى المدن التبتية قبل اكثر من الف سنة . وان مسجد لاسا الكبير بدأ تأسيسه فى المرحلتين الوسطى والاخيرة من القرن العاشر الميلادى . وبعد ممارسة اسرة يوان الملكية / 1271- 1368 / حق السيادة على التبت رسميا فى القرن 13 , دخلت مجموعات ومجموعات من مسلمى البر الداخلى مع الجيوش والقوافل التجارية الى التبت مما شكل الكيان الرئيسى للمسلمين اليوم بلاسا.
اجتاز مسجد لاسا الكبير اختبار التاريخ . وفيه مصلى ذو خصائص قوميات هان والتبت والاسلام تتجاوز مساحته 1160 مترا مربعا . ويؤدى 250 الى 300 مسلم الصلاة فى المسجد عادة , اما فى يوم الجمعة , فيزداد العدد الى اكثر من 3 آلاف , ومن ضمنهم " المسلمون الجدد " الذين جاؤوا من البر الداخلى وشرعوا يزاولون التجارة فى لاسا خلال السنوات الاخيرة .
قال الشيخ يعقوب كبير الائمة المسؤول بالمسجد ان المشروع الاخير لاعادة بناء وتوسيع المسجد كان قبل اربع سنوات حيث تحول المصلى من طابق واحد الى طابقين. ويعمل فى المسجد حاليا 8 ائمة , يمكن الوفاء بمطالب جماهير المسلمين.
الشيخ اليعقوب / 43 سنة / هو مسلم من ابناء لاسا. وتزامن عام 1980 الذى تخرج فيه يعقوب فى المدرسة الثانوية فترة استعادة حرية الايمان الدينى فى الصين. فسافر الى شمال غرب الصين , ثم الهند لدراسة اللغة العربية بحيث امضى عشر سنوات . وبعد عودته الى لاسا , شغل يعقوب منصب نائب كبير الائمة بمسجد لاسا الكبير . واصبح اماما كبيرا فى عام 1997 . وفى الوقت الحاضر , هو عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الاستشارى السياسى بمنطقة التبت الذاتية الحكم وعضو الجمعية الاسلامية الصينية .
يعقوب طويل القامة , ضخم البنية ذو كاهلين قويين , وله لحية . ويجيد الصينية والتبتية والعربية . قال ان معنى // الاسلام // فى اللغة العربية هو // السلام والامن والطاعة // . وان الاسلام مثل البوذية التى يعتنقها الاخوة التبتيون , هو دين يدعو الى التعايش السلمى مع الحضارات المختلفة . وكان المسلمون الذين دخلوا لاسا يتزاوجون مع القومية التبتية جيلا بعد جيل , ويعيشون معا فى انسجام ووفاق ويعز بعضهم بعضا كأنهم افراد اسرة واحدة . وفى الوقت الحاضر , يلبس المسلمون فى لاسا عادة الازياء التبتية , لكن الرجل يلبس ايضا الطاقية والمرأة تلبس الخمار . ما عدا اعتناق الاسلام , هناك لا فرق كبير فى المأكل والمشرب والمسكن واللغة بين المسلمين والقومية التبتية .
قبل التحرير السلمى للتبت , كان معظم المسلمين فى لاسا يزاولون اعمال الجزارة والخياطة وزراعة الخضروات وطحن القمح وغير ذلك من الاعمال التجارية واليدوية . اما الان , فيشتغلون بكل المهن والاعمال مع ارتفاع مستوى التعليم والمعيشة . خذ مثلا , رغم ان تكاليف اداء فريضة الحج الى مكة المكرمة تحتاج الى اكثر من 40 الف يوان / 4930 دولارا امريكيا / , يزداد عدد المسجلين المسلمين فى لاسا سنة بعد سنة . ومنذ عام 1984 حتى اليوم , ادى 144 مسلما هذا الواجب المقدس .
قال الشيخ يعقوب ان مجموعة من المسلمين يعيشون فى مركز البوذية التبتية ويتمتعون بالحقوق والمصالح السياسية والاقتصادية المتساوية ويزاولون بحرية النشاطات الاسلامية , هذا هو بالذات دليل للتضامن والانسجام القومى .
فى عام 2000 , اختير مسجد لاسا الكبير مسجدا نموذجيا وطنيا . واصبح مشهدا فريدا لانفتاح لاسا والقيام بالسياحة فيها . قال الشيخ يعقوب بكل الاعتزاز // ان جميع المسلمين الصينيين والاجانب الزائرين فى لاسا , يؤدون الصلاة فى مسجدنا . وعندما يرى المرء قبة المسجد ويسمع ترتيل القرآن الكريم فى غابة من المعابد البوذية فى لاسا , يشعر بانه يدخل عالما غريبا كل الغرابة // .
اضاف الشيخ يعقوب // ان التبتيين ليسوا يضمون القومية التبتية فحسب , بل نحن المسلمين . ان التبت هى مسقط رأس مسلمى لاسا . وسنكون مسلمين محبين للوطن والدين , متمسكين بالانضباط والقوانين لنتضامن مع الشعب من مختلف القوميات لبناء التبت اكثر ازدهارا وجمالا // .
شبكة الصين / 31 أغسطس 2005 /