قاناس بحيرة زاخرة بالعجائب. عجائب تنبثق من مياهها المدهشة ومن ذلك الغول المجهول المختبئ في قاعها.

كنت محظوظا أن أزور بحيرة قاناس في يوم ساطع من أيام الصيف لأشعر عن كثب بما تكنه من سحر عجيب.

تركت آلتاي في الصباح الباكر متوجها نحو بحيرة قاناس وبعد ست ساعات من السفر الشاق لم يكن بيني وبين البحيرة إلا كيلومترات معدودة حيث أصبحت المناظر أكثر جمالا وأصبحت أنا أكثر تشوقا.

تقع بحيرة قاناس بالجزء الغربي من جبل آلتاي ويتراوح عرضها بين اثنين أو ثلاثة كيلومترات وتبلغ مساحتها 380 ألف كيلومتر مربع ويتجاوز عمق أكثر نقطة عمقا بها 188 مترا. أما كلمة قاناس المنغولية الأصل فتعني الجمال والغنى والغموض. قيل إن بحيرة قاناس تظهر ألوانا مختلفة فإذا نظرت إليها من أعلى الجبل تبدو زرقاء غامقة في اليوم الصافي وخضراء قاتمة في اليوم الغائم كما تميل إلى بياض الحليب في الصيف وتشبه قطعة كريستال في الشتاء وهذا وراء تسميتها أيضا "البحيرة الحرباية".

ومقارنة مع مياه البحيرة يبدو الطقس الجبلي أكثر تقلبا فتكون الشمس ساطعة لحظة ثم تلاعد السماء ويهطل المطر في طرفة عين. والأكثر عجبا أنه لا يكاد المرء يجدو ملاذا من المطر هنا إلا وتكون السماء مشمسة هنالك.

في وقت الغروب صعدنا بعد صبر إلى يخت سريع لتناجى قلوبنا هذه البحيرة العجيبة. كان اليخت يمخر بسرعة فائقة صفحة البحيرة الهادئة مخلفا وراءه أمواجا مزبدة تحول الجبال المنعكسة فيها إلى بقعة من الخضرة الداكنة. غير أن غول البحيرة الذي دار حوله القيل والقال لم يظهر أبدا وكان ذلك ما جعلنا نشعر قليلا بخيبة الأمل. "وقتنا قصير" أو " الزورق أحدث ضجة" لم يكن إلا تفسيرا نواسي به أنفسنا. ربما كان يمكن أن نصادف غول البحيرة لو كان الوقت كافيا وكنا على متن قارب خشبي صغير يطفو في البحيرة على غير هدى. الله أعلم!