لا تعرف سعة الصين إلا بعد زيارة شينجيانغ كما لا تعرف جمال شينجيانغ إلا بعد زيارة إيلي. وأنا شخصيا بعد زيارة إيلي أستطيع القول بإن هذا الكلام ليس مبالغا فيه ولو إلى أدنى حد.
دخلت السيارة شيئا فشيئا إلى وادي الفواكه الذي قيل إن اسمه منسوب إلى الثمار البرية التي كانت تنتشر فيه. تشهد منطقة شينجيانغ بعد مسيرة تطور دامت نصف قرن تغيرات جذرية في كافة المجالات خاصة في مرافق المواصلات إذ أصبحت الطرق الرابطة بين مختلف الولايات والمحافظات في حالة ممتازة جدا فلم نشعر بأي ترنح مزعج رغم أن السيارة كانت تتعرج مع الطرق الجبلية بل لم نجد ما يقلقنا على سلامة الطريق حتى استغرقنا بكل طمأنينة وراحة في مشاهدة المناظر الفريدة التي رافقتنا طوال الطريق.
يا له من جمال مذهل في وادي الفواكه! لقد ألفت الجبال الناضرة والمياه الرائقة منذ أن ترعرعت فيما يسمى بـ"موطن المياه جنوبي نهر يانغتسي" إلا أنني أخذت بدهشة أمام الجمال والروعة هنا. شاهدت سابقا صورا أخذت جوا عن وادي الفواكه حيث بدت الأنهار كأنها أشرطة حرير ناصعة البياض تخترق الحقول الخضراء وتضفي نشاطا وحياة على الوادي كله ولكن عندما اندمجت بجسدي في الوادي وجدت مشهدا مغايرا فأصبحت تلك الأشرطة الحريرية سيولا جارفة تخر بجانبي كما أصبحت الجبال تكتسي درجات متفاوتة من الخضرة منها الخضرة الفاتحة والخضرة المائلة إلى الصفرة والخضرة اليشمية والخضرة القاتمة فكم كانت قلوبنا تهتز بالتقاء مع هذه المقومات الوافرة من الحيوية والازدهار. تشتهر حدائق سوتشو بـ"تغير المنظر مع كل خطوة" بينما تتغير مناظر وادي الفواكه مع كل منعطف على طرقه الجبلية منها السماء الصافية الحاضنة للشمس الساطعة والجبال المتموجة والخضرة الندية القاتمة في كل مكان والخمائل المتفاوتة المستويات والمروج الريانة وقطعان المواشي السمينة التي تشكل معا أبياتا شعرية ولوحات رسم. لا شك أن أكثر شيء ناطق بالحياة هو السحب المنخفضة التي تلازم الجبال بدرجة مناسبة وتبدو كثيفة تارة وخفيفة تارة أخرى مما يضيف بعض الرقة على غلظة لوحة الرسم. جلت ببصري عبر زجاج السيارة على المناظر المتغيرة بأسلوب طبيعي ومبهج للنفس. لا غرو أن الكاميرا إذا سقطت واصطدم مصراعها بالأرض ستلتقط تلقائيا صورة مناظر جذابة!
وأخبرني بعض الأصدقاء من شينجيانغ أن مناظر وادي الفواكه تختلف باختلاف المواسم فيكتسي ثيابا ذهبية باهرة في الخريف ويتغطى بالثلوج الناصعة في الشتاء في حين يحافظ الصنوبر والسرو على خضرتهما.
توقفت السيارة برهة عند منصة المشاهدة فاندفع الجميع إلى حضن وادي الفواكه لإيداع الجسد والروح معا في هذه الروعة والفخامة. يا لها من تجربة حية في الرجوع إلى الطبيعة في وادي الفواكه. (ياسمين تشانغ)
شبكة الصين /11 أغسطس 2005/