– استعراض تاريخي
يرجع تاريخ التبادل والاتصال بين الأمة الصينية والأمة العربية إلى زمن بعيد. وقد دخلت اللغة العربية إلى الصين مع دخول العرب إليها.
وقد ورد في "سجل التاريخ" الصيني أن دولة داشي (كان الصينيون قديما يشيرون إلى بلاد العرب باسم داشي) بدأت بإرسال مبعوث إلى الصين ("كتاب تانغ القديم" جـ4)، وذلك في عصر قاو تسونغ من أسرة تانغ الملكية، وتحديدا في 25 / 8 / 651 م. وتدل نتيجة التحقيق على أن ذلك يعتبر أول مرة أوفد العرب فيها مبعوثا لزيارة الصين في التاريخ، وكان ذلك يصادف اليوم الثاني من شهر المحرم سنة 31 هـجرية، في عصر عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين. وبعد ذلك أوفدت الإمبراطورية العربية مبعوثين إلى أسرة تانغ الملكية الصينية مرات عديدة، فخلال 148 سنة ابتداء من سنة 651 إلى سنة 798 الميلادية، سجّلت المصادر التاريخية أن العرب أوفدوا نحو 39 مبعوثا إلى أسرة تانغ الملكية(1)، واستمر مثل هذا الاتصال في أسرة سونغ الملكية الصينية. وبناء على ما توصل إليه باي شو يي في دراسة له فإن دولة داشي قد أوفدت 49 مبعوثا إلى الصين بمعدل مبعوث واحد كل أربع سنوات خلال 200 سنة من السنة الأولى من كاي باو (سنة 968 م) إلى السنة الرابعة من تسيان داو (سنة 1168 م)(2).
وإلى جانب المبعوثين العرب الرسميين في أسرتي تانغ وسونغ الملكيتين قدم عدد كبير من التجار العرب إلى الصين، حتى يمكن القول بأن بعضهم قد وصل إلى الصين قبل المبعوث العربي الرسمي. فقد دخل التجار العرب إلى الصين لأول مرة عن طريق الحرير البحري من المدن الصينية التي بها مواني تجارية مثل قوانغتشو (كانتون) وتشيوانتشو ومينغتشو(نينغبوه حاليًا) ويانغتشو، ومنها توغلوا إلى المدن التجارية المختلفة في المقاطعات الصينية الداخلية عبر الطرق البرية، وقد بقي عدد كبير من هؤلاء التجار العرب في الصين.
كان معظم العرب الزائرين للصين في أسرتي تانغ وسونغ مبعوثين أو تجارا. ولكن الحالة في أسرة يوان الملكية اختلف عما كانت عليه في الأسرتين السابقتين. فقد قام المغول بالزحف إلى الغرب، وأسروا عددا لا يحصى من المسلمين (معظمهم فرس وعرب)، وجعلوهم جنودا، وإلى جانب ذلك أسروا عددا كبيرا من الحرفيين من غربي آسيا (حوالي مائة ألف فرد). وعاد الجيش المنغولي بهؤلاء المسلمين إلى الشرق، ومن ثم خاضوا معارك في أنحاء الصين، حيث تفرقوا وأقاموا(3). منذ ذلك الزمن بدأ المسلمون الصينيون يعيشون في أسلوب متمثل في "التفرق في الصين كلها، والتجمع في مكان معين"، واندمجوا مع القوميات المحلية الأخرى تدريجيا حتى شغل بعضهم مناصب كبيرة منها رئيس مجلس الوزراء. وظهر في أسرة تانغ أول حارة سكنية للمسلمين سميت "بانفانغ"، حيث تم بناء مساجد. وأول مسجد في الصين هو مسجد هوايهوا في كانتون تم بناؤه في السنة الأولى من تشن قوان لأسرة تانغ (سنة 627 م)(4). ومن المعروف أن المساجد كانت في البداية أماكن لأداء الفرائض الدينية ونشر القرآن والأصول الإسلامية، كما هي مدارس لتعليم اللغة العربية ونشر المعارف الإسلامية. وهكذا دخلت اللغة العربية إلى الصين مع وصول المسلمين العرب إليها وانتشرت مع انتشار الإسلام فيها.
وتهتم الحكومة الصينية بتطوير علاقاتها مع الدول العربية وخاصة بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949م. فقد أنشأت الحكومة تخصص اللغة العربية في بعض الجامعات الصينية على التوالي مما جعل تعليم اللغة العربية في الصين نظاميا وقياسيا أكثر. ومنذ ذلك الوقت، تخرج في الجامعات المعنية آلاف من المتخصصين في مجالات الشئون الخارجية والتجارة والاقتصاد والإعلام والتعليم والبحوث العلمية والشؤون العسكرية وغيرها، وقد ساهم هؤلاء مساهمة عظيمة في تطوير العلاقات الصينية العربية.
2 – بداية تعليم اللغة العربية في الصين
1) تعليم اللغة العربية في المساجد
تشكل تعليم اللغة العربية في المساجد مع انتشار الإسلام وزيادة عدد المسلمين في الصين، فبدأ هذا النوع من التعليم في زمن جيا جينغ لأسرة مينغ (1522 – 1566 م)، على يد السيد خو دنغ تشو (1522 – 1597 م) العالم والمعلّم المسلم من قومية هوي في مقاطعة شانشي. فكان يقبل الطلبة في بيته ويعلمهم مجاناً اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ثم انتقل إلى المسجد. فبدأ هذا النوع من التعليم في مقاطعة شانشي وامتد تدريجيا إلى مقاطعات خنان وشاندونغ ويوننان وقانسو وبكين وغيرها. وكان التعليم في المساجد بازدهاره يشمل النظم الابتدائية والإعدادية والعالية، وكانت حالتها مثل حالة الدول العربية، حيث المساجد في الدول العربية تقوم بدور المدارس.
2) تعليم اللغة العربية في المدارس
بعد ثورة عام 1911، ونتيجة لتأثير الحركة الثقافية الجديدة المتمثلة في مقاومة الإمبريالية والإقطاع عرف المسلمون الصينيون تدريجيا الجوانب السلبية للتعليم في المساجد وبدءوا بإنشاء مدارس حديثة، وهي المدارس التي تدرس فيها اللغتان الصينية والعربية وهي تقبل أولاد المسلمين رئيسيا وتدرس المواد الثقافية الصينية والعربية في وقت واحد. وبعض هذه المدارس ابتدائية منها المدرسة الابتدائية الإسلامية الأولى من الدرجة الثانية في العاصمة (1908)، ومدرسة سيهجين في شاويانغ (1906)، ومدرسة مويوان في تشينجيانغ (1906)، والمدرسة الابتدائية الإسلامية للدرجة الثانية في تشيتشيهار؛ وبعضها متوسطة منها المدرسة العامة في شمال غربي الصين (كانت المدرسة الإسلامية عام 1928)، ومدرسة داتشنغ للمعلمين في جينان (انتقلت إلى بكين عام 1925)، والمدرسة الإسلامية للمعلمين في شانغهاي (1928)، ومدرسة مينغده المتوسطة في كونمينغ بمقاطعة يوننان(1930)(5). وقد تخرج في مثل هذا النوع من المدارس معظم العلماء المسلمين أمثال الأستاذ محمد ما كين والأستاذ عبد الرحمن نان تشونغ وغيرهما من المثقفين المسلمين الذين كانوا الدفعة الأولى من الطلبة الصينيين الموفدين إلى جامعة الأزهر بمصر.
3 – تعليم اللغة العربية بالصين في العصر الحالي.
1) تعليم اللغة العربية في الجامعات
يعتبر الأستاذ عبد الرحمن نا تشونغ (أستاذ متقاعد في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين) أول من بدأ تعليم اللغة العربية في جامعة صينية، ففي عام 1943، وبعد تخرجه في جامعة الأزهر وعودته إلى الصين بدأ لأول مرة تعليم اللغة العربية في الجامعة المركزية (جامعة نانجينغ حاليا)، حيث ألف الأستاذ نا تشونغ أول كتاب منهجي لتعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية، كما بدأ لأول مرة في عام 1945 يلقي على الطلبة في الجامعة المركزية محاضرات حول التاريخ العربي الإسلامي.
وتعتبر جامعة بكين أول جامعة صينية أنشئ فيها تخصص اللغة العربية. ففي عام 1946، استقدمت جامعة بكين السيد محمد ما كين الذي تخرج في جامعة الأزهر، لإنشاء شعبة للغة العربية في قسم اللغات الشرقية بجامعة بكين. وبهذا اخترق تعليم اللغة العربية في الصين مناطق المسلمين السكنية وأدرج في نظام التعليم العالي بالصين الأمر الذي أوضح جيدا اهتمام الحكومة الصينية بإعداد الأكفاء الذين يتقنون العربية ويعرفون الثقافة العربية الإسلامية.
وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تهتم حكومة الصين الجديدة أكثر بتطوير العلاقات الصينية العربية. ففي عام 1956، تم اختيار دفعة من الطلبة الممتازين وإيفادهم إلى مصر لدراسة اللغة العربية والثقافة العربية؛ إلى جانب ذلك، أنشأت الحكومة تدريجيا في بعض الجامعات تخصص اللغة العربية، فمنذ عام 1958، أنشئ تخصص اللغة العربية في كلية الشؤون الخارجية (في سنة 1962 انضمت إلى جامعة الدراسات الأجنبية ببكين)، وجامعة الاقتصاد والتجارة الخارجية، وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، ومعهد اللغات الأجنبية لجيش التحرير الشعبي الصيني، وجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، وجامعة اللغات ببكين، والمعهد الثاني للغات الأجنبية ببكين. ولذا فتح تعليم اللغة العربية في الصين صفحة جديدة ووضعا جديدا للنمو والازدهار.
وترمي المقررات في تخصص اللغة العربية في الجامعات والمعاهد العالية بالصين إلى تدريب الطلبة لاستيعاب المهارات الأساسية الخمس: الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة والترجمة، وإعطائهم المعارف العربية والإسلامية الضرورية، منها موجز تاريخ الأدب العربي ومختارات أعمال الأدب العربي، وقواعد اللغة العربية، وعلم اللغة العربية، وعلم المفردات العربية، والبلاغة العربية، وتاريخ العرب، ومقتطفات من "القرآن الكريم" و"الحديث الشريف"، وموجز أحوال الدول العربية، والسياسة والدبلوماسية العربية، والاقتصاد والتجارة في العالم العربي، والثقافة والحضارة العربية الإسلامية.
وبفضل عناية الحكومة الصينية وتأييدها والأعمال المجدة التي قام بها عشرات الأساتذة منذ عشرات السنين، أعدت الجامعات والمعاهد العالية الصينية آلافا من الأكفاء الذين يعملون في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية والتعليمية والصحفية والسياحية والعسكرية وغيرها ويساهمون مساهمة كبيرة في تطوير العلاقات الصينية العربية، فمنهم وزراء وسفراء وجنرالات وأساتذة وباحثون وعلماء ومديرون في الشركات الخ. إنهم قد سجلوا مآثر مرموقة تلفت الأنظار.
وبعد تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين حققت الجامعات الصينية طفرة جديدة في تعليم اللغة العربية، فمنذ الثمانينات من القرن العشرين وحتى اليوم، بدأت الدراسات العليا لتخصص اللغة العربية والأدب العربي على التوالي في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين وجامعة بكين وجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي وجامعة الاقتصاد والتجارة الخارجية ومعهد اللغات الأجنبية لجيش التحرير الشعبي الصيني والمعهد الثاني للغات الأجنبية ببكين، كما صار لجامعة الدراسات الأجنبية ببكين وجامعة بكين وجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي الحق في منح درجة الدكتوراه لتخصص اللغة العربية والأدب العربي.
ومنذ التسعينات من القرن العشرين، ومع ازدياد التبادل الاقتصادي والتجاري والاتصالات الثقافية بين المقاطعات الصينية والدول العربية، بدأت المقاطعات الصينية تهتم بإعداد أكفاء يجيدون اللغة العربية، ففتحت جامعة نينغشيا وجامعة يوننان وجامعة القوميات في شمال غربي الصين ومعهد اللغات الأجنبية في تيانجين وجامعة هيلونغجيانغ على التوالي تخصص اللغة العربية لدرجة الليسانس وقبلت طلبة يتخصصون بالعربية، وسوف يتم إنشاء مثل هذا التخصص وقبول الطلبة في معهد اللغات الأجنبية في سيتشوان الذي يدرس بعض الطلبة فيه اللغة العربية كلغة أجنبية ثانية، ومعهد اللغات الأجنبية في داليان هذه السنة أو السنة القادمة.
وقد بذل أساتذة اللغة العربية في الجامعات الصينية جهودا حميدة في أعمال التدريس والدراسات العلمية منذ زمن طويل، فارتفع مستواهم في مجالات التدريس والدراسات الأكاديمية باستمرار، وبرز منهم عدد غير قليل من النوابغ منهم الأستاذ المرحوم محمد ما كين الذي ترجم معاني "القرآن" إلى الصينية، والأستاذ عبد الرحمن نا تشونغ الذي عيّن عضوا مراسلا في المجمع العلمي العربي في دمشق بسوريا، وفاز بـ "جائزة الشارقة للثقافة العربية" التي منحتها إياه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، والأستاذ المرحوم رضوان ليو لين روي الذي عين عضوا مراسلا في المجمع العلمي العربي في دمشق بسوريا، والأستاذ عبد الجبار تشو وي ليه الذي عين عضوا مراسلا في الأكاديمية الملكية للحضارة الإسلامية في الأردن وعضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة في مصر.
وفي سبيل توجيه أعمال تدريس اللغات الأجنبية في الصين والتنسيق بين الجامعات بشأنها أنشأت وزارة التعليم في الصين عام 1982 "لجنة تأليف ومراجعة الكتب المنهجية للغات الأجنبية بالجامعات" والتي تم تحويلها فيما بعد إلى "اللجنة الوطنية لتوجيه أعمال تدريس اللغات الأجنبية في الجامعات"، وتتبعها فرقة اللغة العربية. وبفضل تنظيم اللجنة وفرقة اللغة العربية التابعة لها أتمت مجموعة من الأساتذة المحنكين في الجامعات "منهج تعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية" الأمر الذي لعب دورا توجيهيا مفيدا لرفع وضمان نوعية التعليم. ومن أجل تعزيز التبادل والتنسيق بين الأقسام العربية في الجامعات، وتقوية نوعية التعليم، تم إنشاء "مجمع اللغة العربية بالصين للتدريس والدراسات" عام 1985، وبعد ذلك يعقد المجمع وفرقة اللغة العربية اجتماعا مشتركا سنويا، لوضع خطط تنفيذية خاصة بتدريس اللغة العربية ودراساتها، كما نظم المجمع وينظم نشاطات دراسية وعلمية حول التدريس والدراسات العربية.
إن تطور وتقدم أعمال تعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية يرتبطان أولا وأخيرا بتأييد ومساعدة الدول العربية الصديقة. فمنذ سنوات عديدة، أوفد عدد كبير من الدول العربية إلينا خبراء وعلماء أو مدرسين قادمين من مصر وسوريا والعراق وفلسطين واليمن والسودان وغيرها، فألقوا محاضرات كثيرة حول مواد عديدة، كما أرشدوا الأساتذة الصينيين في تأليف القواميس والكتب المنهجية، فقد بذلوا جهودا حميدة من أجل إعداد الأكفاء باللغة العربية في الصين. وعقدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم دورتين تدريبيتين لأساتذة اللغة العربية غير الناطقين بها في جامعات آسيا وذلك في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين في سنة 1988 وسنة 1997. وإلى جانب ذلك أوفدت حكومة الصين وتوفد باستمرار الطلبة الصينيين إلى الدول العربية منها مصر وسوريا والعراق والكويت والسودان واليمن وقطر وغيرها، وإلى حد الآن جميع أساتذة اللغة العربية في الجامعات الصينية درسوا في الدول العربية. وبالإضافة إلى ذلك فإن الجامعات الصينية المعنية وقعت اتفاقيات التبادل الأكاديمي مع عدد كبير من الجامعات العربية، وعلى أساسها تبادل الزيارات والمحاضرات والكتب والمعلومات وغيرها.
وجدير بالذكر أن أقسام اللغة العربية في الجامعات الصينية قد حظيت بتفاهم وثناء ومساندة أكثر بعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، ففي عام 1987، تبرعت غرفة التجارة في دبي دولة الإمارات لإنشاء صندوق تعليم اللغة العربية دبي – شانغهاي في جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، وفي عام 1990، أهدت المملكة العربية السعودية معملا لغويا بكامل أجهزته إلى جامعة بكين، كما تبرعت إليها في عام 1995 لإنشاء أكاديمية ما كين للدراسات الإسلامية في جامعة بكين؛ وفي عام 1995، وبفضل تبرع صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تم بناء مركز الإمارات العربية المتحدة لتدريس اللغة العربية والدراسات العربية والإسلامية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين وبدأ استخدامه رسميا؛ وفي عام 1997، أهدى المكتب الإعلامي التابع لسفارة جمهورية مصر العربية لدى بكين إلى عدد من أقسام اللغة العربية في الجامعات الصينية أنظمة لاستقبال القنوات الفضائية. وإلى جانب ذلك أهدت الإمارات والسعودية ومصر والبحرين وتونس والمغرب ولبنان والكويت وعمان وليبيا واليمن والسودان وغيرها من الدول العربية إلى أقسام اللغة العربية في الجامعات الصينية كتبا ومطبوعات ومواد صوتية وبصرية، كما ترسل إليها بعثة جامعة الدول العربية لدى بكين والمكتب الإعلامي التابع لسفارة مصر لدى بكين دورياتهما ومنشوراتهما مجانا، كما يبادر كثير من أصحاب السعادة السفراء العرب والمستشارين في السفارات العربية في الصين إلى إلقاء المحاضرات أو الكلمات في الجامعات الصينية. وإضافة إلى ذلك لقي مجمع اللغة العربية بالصين للتدريس والدراسات تأييدا ومساعدة من قبل البعثات الدبلوماسية العربية في الصين في كثير من نشاطاته.
2) تعليم اللغة العربية في غير الجامعات
إلى جانب تعليم اللغة العربية في الجامعات هناك أشكال عديدة لتعليمها وعلى مستويات مختلفة.
أ) معاهد العلوم الإسلامية
تحترم الصين الاعتقاد الديني. ومن أجل تنفيذ سياسة حرية الاعتقاد، وإعداد علماء الدين والمتخصصين فيه، تم بموافقة الحكومة الصينية إنشاء معهد العلوم الإسلامية بالصين التابع للجمعية الإسلامية الصينية وتحت رئاسة لجنة الدولة لشؤون القوميات مباشرةً في بكين عام 1955. ويقبل المعهد الطلبة المسلمين من أنحاء الصين، ومدة الدراسة فيه 4 سنوات، ومن مقرراته الرئيسية اللغة العربية والمواد الدينية. وبعد تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، تم تطبيق مزيد من سياسات الشؤون القومية والدينية، فمن أجل إعداد عدد أكبر من الأكفاء المتخصصين والمحبين للوطن والدين، تم إنشاء معاهد العلوم الإسلامية في بكين ولياونينغ وشينجيانغ وتشينغهاي ونينغشيا وقانسو وخنان ويوننان وخبي وغيرها من المدن والمقاطعات، وكل هذه المعاهد تحت رئاسة اللجان المحلية للشؤون القومية والدينية في هذه المدن والمقاطعات، أما أهداف هذه المعاهد وأنظمتها فتشبه ما هي في معهد العلوم الإسلامية بالصين، ومدة الدراسة فيها 2- 3 سنوات.
ب) المدارس المتوسطة
تقع المدارس المتوسطة التي تدرس فيها اللغة العربية على وجه العموم في المناطق التي يعيش فيها المسلمون. وتنقسم هذه المدارس إلى نوعين، أحدهما مدارس عربية تدرس فيها اللغة العربية والعلوم الدينية رئيسيا، إضافة إلى بعض المقررات الثقافية المحددة في المدارس العامة، وهذا النوع من المدارس في عدد كبير وعلى مستويات مختلفة ومعظمها أهلية، منها مثلا مدرسة تشانغتشي العربية في مقاطعة شانشي، وكلية اللغة العربية في تونغشين بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي. والنوع الآخر هو مدارس متوسطة عامة، تدرس فيها اللغة العربية كمادة هامة ولكن مقرراتها الرئيسية ثقافية عامة تحددها الدولة، وهذا النوع من المدارس الحكومية وطلبته مسلمون وغير مسلمين.
جـ) المساجد والجوامع
ما زالت المساجد والجوامع تواصل تقليدها في تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ولكن وجود معاهد العلوم الإسلامية والمدارس العربية في أنحاء الصين يقلل بكثرة من عدد المسلمين الدارسين في المساجد والجوامع.
د) الدورات التدريبية القصيرة
تفتح مثل هذه الدورات حسب أغراض مختلفة، منها إعداد المترجمين لشركات المقاولات الخارجية والفرق الطبية الصينية الموفدة إلى الدول العربية، وتدريس اللغة العربية الأساسية للمدرسين لتعليم اللغة الصينية للناطقين بغيرها والباحثين للشؤون العربية، أو تدريس اللغة العربية للمسلمين الراغبين في الدراسة في العالم العربي. وتختلف مدد الدراسة ومحتوياتها وطرائق التدريس باختلاف أهداف الدورات.
4 – الدراسات العلمية في الجامعات والمعاهد الصينية
بدأت الدراسات العلمية في الجامعات والمعاهد الصينية على يد الجيل الأول من العلماء المؤسسين، منهم الأستاذ محمد ما كين والأستاذ عبد الرحمن نا تشونغ، فقد بدأ الاثنان أثناء دراستهما في مصر ترجمة أو تأليف الكتب العربية أو الصينية منها "القرآن باللغة الصينية" و"حقائق الإسلام" اللذان ترجمهما الأستاذ محمد ما كين، و"فجر الإسلام" من "تاريخ الثقافة العربية الإسلامية" لأحمد أمين الذي ترجمه الأستاذ عبد الرحمن نا تشونغ. وبعد اتخاذ سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين تزداد حماسة أساتذة الجامعات، فأصبحوا لا يجتهدون في التدريس فقط، بل يتعمقون في البحث العلمي حول التدريس والعلوم المعنية. فبدءوا من تأليف الكتب المنهجية التي يكون الطلبة الصينيون في أمسّ حاجة إليها، ثم وسّعوا مجالات البحث. فيتناول بحث الأساتذة اللغة العربية والأدب العربي والتاريخ العربي والثقافة والدين والسياسة والاقتصاد والتجارة العربية الخ.
1) أنظر: يانغ هوايتشونغ ويو تشنقوي: "الإسلام والثقافة الصينية"، دار النشر لأهل نينغ شيا، 1995، ص 48 – 52.
2) أنظر: باي شويي: "المخطوطات لتاريخ الإسلام الصيني"، دار النشر لأهل نينغ شيا، 1982، ص 128.
3) أنظر: "تاريخ قاهري العالم" المترجم إلى الصينية، دار النشر لأهل منغوليا الداخلية، 1980، ص 12.
4) أنظر: ما يييو: "سجل تاريخ الاسلام في الصين" دار النشر لأهل نينغ شيا، 2000، ص 91- 102؛ ها تشوجيون: "مسجد دا شيو سي سيانغ في مدينة شي آن" من مجلة "المسلمون الصينيون" 1999، العدد الـ5.
5) أنظر: لي شينغهوا: "تاريخ الإسلام في الصين"، دار النشر الاجتماعية الصينية، 1998، ص 720- 725.
الصين اليوم / أغسطس 2005 /