ثقافة

اقتصاد

دوليات

محليات

القديم والفن

دينا تسونغ

من الطبيعي أن كل من يذهب إلى القاهرة لا تفوته فرصة زيارة الأهرام في الجيزة، وأنا معهم. وقد قال الشاعر المشهور أحمد سامي البارودي في أحد قصائده "سل الجيزة الفيحاء عن هرمي مصر لعلك تدري غيب ما لم تكن تدري / بناءان ردا صولة الدهر عنهما ومن عجب أن يغلبا صولة الدهر / أقاما على رغم الخطوب ليشهدا لبانيهما بين البرية بالفخر" فعلا، الأهرام هي رمز لذكاء المصريين واجتهادهم. وأنا أعشق التمتع بمناظرها.

وما زلت أذكر حتى اليوم كم أعجبت بمناظرها عندما وقفت أسفل هرم خوفو، كنت أخيل وأنا في الصين أن سطح الأهرام مصقول ، والحقيقة أن الأهرام بنيت بالألوف من الأحجار الضخمة، ولذلك تشهد الأهرام مكونة من درجات سلم كأنها ممتدة إلى جنة الخلد. أما تمثال أبو الهول فلا يزال واقفا، يتطلع إلى الأمام بهدوء، كما كان قبل ألوف السنين ومن المؤكد أنه سوف يظل متطلعا من اليوم إلى المستقبل البعيد. مهما تغير الدهر ومهما ازدادت الدنيا زحاما، لا يتغير قلب أبو الهول. فجأة انقطع حبل تفكيري والتفت إلى جانبي، رأيت شابا يبيع قبعات. كان يتحدث مع سائحة أجنبية بجانبه: "اشتر قبعة من فضلك، هذه القبعة جميلة جدا وتناسبك كثيرا." عندما رأى أن السائحة لا تعير اهتماما له، استطرد قائلا: "كم عمرك؟ هل أنت متزوجة؟ اذا لا، هل تريدين الزواج مني؟ أقدر على عيالتك، يمكنني أن أكسب كثيرا من الفلوس من بيع قبعات هنا، ثقي بي، هل تريدين الزواج مني؟.." ولم أمسك عن الضحك عندما سمعت كلامه، ووجه الشاب ممتلئ بعلامات الجدية، ولكن السائحة ذهبت مبتسمة بدون إجابة وتركته وحده يقف هناك، وهز الشاب رأسه قائلا: "لا تتركيني هنا وحدي بسرعة هكذا، يمكن أن تأخذي القبعة هدية برغم أنك لا تريدين الزواج مني." شهدت هذا الشاب النشيط والذكي وهو يبيع القبعات هنا كل يوم لكسب رزقه، وما أعرق هذه الأهرام، وما أفتى هذا الجيل الجديد، اليوم يقف الشباب في نفس الأرض التي قامت الأهرام فيها، ولكن بينهما آلاف السنين.

وأنا، الطالبة التي تعيش في بلاد بعيدة، كم أعجبت بهذه الأهرام القديمة، وكم أحب الجيل الجديد الفتى والذكى من المصريين.