وصلت إلى القاهرة قبل ثلاثة أيام. ان القاهرة ، تختلف كما كنت أتخيل، فهي ليست قديمة يسكنها العرب البدو، بل مدينة متحضرة مثل غيرها من المدن الكبرى في العالم. اما الذي لم يتغير مع مرور الوقت فهو الطبيعة المرحة للعرب التي توارثوها من أسلافهم.
اليوم صباحا، ذهبت مع صديقتي الصينية شادية بالأتوبيس إلى ميدان التحرير، أكثر ميادين القاهرة ازدحاما. بينما كنا مغمورين بمناظر القاهرة الجميلة، توقف الأتوبيس فجأة، واذا بالسائق يصرخ في الشاب الذي يجلس ورائنا، ويلومه لعدم شرائه التذكرة. هذا الأمر اذا حدث في الصين، لن ينطق أي راكب بكلمة ويتولى السائق أو الكمساري مهمة توبيخ من لم يشتر التذكرة. ولكن في القاهرة حدث شيء مختلف تماما.. تقريبا كل الركاب شاركوا في توجيه اللوم لهذا الشاب. قال له شيخ كبير السن بجانبه: "يا بني، عليك أن تشتري التذكرة. هات الفلوس لأشتريها لك." أما الآخرون فدخلوا في جدال شديد مع هذا الشاب، والطريف أن الجدال بين الركاب لم ينته بعد شراء التذكرة، بل تحول إلى حديث عن الجو والعمل والخ، وأصبح الأتوبيس ناديا متحركا. أعجبت أنا وشادية بكل ذلك. وعندما سألت صديقتي العربية فيما بعد، أجابتني: "لماذا لا نتحدث؟ نحن المصريين نحب السهر. وفوق ذلك كل المسلمين في نظرنا اخوة."