الرسام المسلم محمد علي لي قونغ

ولد محمد علي لي قونغ في أسرة مسلمة قبل 44 سنة، وأمله منذ صغره هو أن يكون رساما، ولكن الظلم الذي تعرضت له أسرته أثناء الثورة الثقافية الكبرى حال بينه وبين الدراسة. ولكي يساعد أهله عمل وعمره 13سنة متناقلا بين بكين وتيانجين يبيع السمك ويقطع العشب واستمر هكذا حتى نهاية عام 1969 عندما استقرت أسرته في بكين وحظي بفرصة للدراسة من جديد، وأصبح تلميذا مجتهدا.

في عام 1984، بسبب صعوبة المعيشة، ومن أجل تعليم أشقائه الثلاث عمل بأحد المصانع وهو بعد لم يكمل دراسته الثانوية، وخلال العمل لم ينس أمنيته في أن يكون رساما، واستثمر وقت فراغه لدراسة المعارف الأساسية للرسم، والتحق بدورة فنية للرسم أقيمت بقصر ثقافة الشعب كما درس في مكتبة حاضرة محافظة تشانغبنغ بضاحية بكين التي تبعد عن منزله أكثر من عشرة كيلومترات.

من جد وجد، ففي عام 1976 اختيرت لوحته التي تصف العمال والفلاحين وهم يفلحون الأرض لمعرض بكين الفني، وهذا شجعه على بذل جهود أكثر لدراسة الرسم وأتيحت له فرصة التتلمذ على يد بعض الرسامين، وبفضل إرشاد الرسام المشهور ما تشيوان بمكتب الرسم ببكين، وعلامة الرسم الصيني التقليدي بان جيه تسي، تقدم محمد علي لي قونغ كثيرا، وبعد ذلك عرض كثير من لوحاته في بكين وغيرها من المدن، ونال عدد غير قليل من هذه اللوحات جوائز مختلفة واختير بعضها للعرض في هونغ كونغ واليابان والولايات المتحدة وغيرها.

في سعيه من أجل فن الرسم التحق في عام 1979 بمصنع لطلاء المينا كعامل فني، وبعد أربع سنوات انتقل إلى مصنع غزل صوفي كمسؤول عن الدعاية، وفي عام 1988 أصبح محررا فنيا بجريدة النشء الصيني.

بعد أن عجم عوده الكثير من اختبارات الحياة الصعبة اتخذ محمد علي لي قونغ الرسم مهنة له،وفي عهد الإصلاح والانفتاح أقام مكتب علي لي قونغ للأعمال الفنية، وهو الآن عضو بمجلس تنمية التبادلات الثقافية الدولية بالصين، وعضو بمجلس دراسات الشعر والخط والرسم، وعضو بلجنة الرسم الصيني التقليدي ببكين، وعضو بجمعية الفنانين الصينيين.

خلال السنوات الأخيرة أقام محمد علي لي قونغ معارض فنية خاصة للوحاته في الصين، واليابان وإيران والولايات المتحدة، وحظيت لوحاته بتقدير الفنانين الصينيين والأجانب.

تدمج أعمال محمد علي لي قونغ الحضارة الإسلامية في أسلوب الرسم الصيني التقليدي، وتتمتع معظم لوحاته بجو إسلامي، ونذكر منها "المصلي" و"الجنة" و"غار حراء" و"الفنان المسلم" و"الحب" و"النساجة الفارسية" ¡­ وأبرزها لوحة "النحاس" التي نالت جائزة الامتياز لمعرض الرسم الصيني التقليدي الذي أقيم بقاعة الصين الفنية في أكتوبر السنة 1998. واللوحة تصور شيخا مسلما مخلصا رقيق القلب أبيض اللحية والحواجب يصنع أقراصا نحاسية، وخلفه الرسوم المختلفة الاشكاك الجميلة والدقيقة موضوعة في قبة المسجد، وإطار اللوحة مزين بالرسوم العربية والفارسية، وهي لوحة جميلة ورائعة، وقد قال بعض الخبراء بعد مشاهدتهم هذه اللوحة أنها ترمز إلى أن محمد علي لي قونغ دخل مرحلة جديدة في حياته الفنية، وتشير إلى أنه منهجا جديدا في مجال الرسم ¨C تمجيد الإسلام بالرسم.

يقول محمد علي لي قونغ: أنا شهدت كثيرا من المشاق والصعوبات ولكن قد هداني الله وساعدني في كل حال، وسأبذل جهودي لتمجيد قدرة الله تعالي والحضارة الإسلامية بريشتي.

الرسام محمد علي لي قونغ مسلم مخلص يهتم بقضايا الإسلام الصينية إضافة إلى أداء الواجبات الدينية ويحضر دائما النشاطات الإسلامية المختلفة، ويقول محمد علي لي قونغ أن أمله هو أن يحج بيت الله ويزور الدول العربية ويجسدها بريسته.

الرسام محمد علي لي قونغ مثل الصنوبر لا يخشى المشاق والصعوبات، ومن أجل إيمانه بقضيته يتقدم إلى الأمام باستمرار.