مكانة التبت التاريخية
الصين
دولة موحدة مكونة من 56 قومية.
قومية التبت عضو هام من أعضائها، ينتشر أبناؤها في منطقة التبت الذاتية الحكم ومعظم مناطق مقاطعة تشينغهاي وجنوب مقاطعة قانسو وشمال غربي مقاطعة سيتشوان وشمال غربي مقاطعة يوننان.
قبل تكوين قومية التبت، كانت هناك اتصالات وثيقة بين قبائلها وبين قومية هان والقوميات الأخرى بغربي الصين وشمال غربيها. في النصف الأول من القرن السابع، وحد ملك التبت سونغتسان قانبو القبائل التبتية علي هضبة تشينغهاي-التبت، وأقام أسرة توبوه التي تعاملت مع بلاط أسرة هان بصورة كثيفة. وزواج سونغتسان قانبو من إحدى أميرات
أسرة تانغ، الأميرة ون تشنغ، وزواج تشيده تسوتسان من الأميرة جين تشنغ يرمز إلى إقامة علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وثيقة تدريجيا بين قوميتي هان والتبت. بعد تفكك أسرة توبوه الموحدة في أواسط القرن التاسع، انقسمت مختلف فروع قومية التبت على هضبة تشينغهاي-التبت إلى مجموعات قوى محلية لا ينتمي بعضها إلى بعض. بعد تأسيس أسرة سونغ، تبع جزء من هذه المجموعات
(قبائل قومية التبت التي انتمت إلي أسرة بوتوه سابقا) أسرة سونغ، مما عزز العلاقات المختلفة بين قوميتي التبت وهان بشكل متزيد.
في القرن الثالث عشر، في أثناء تأسيس المغول أسرة يوان الموحدة،
على أرض الصين، انضمت التبت إلى خريطة الصين رسميا. منح قوبلاي خان "سلطة ساجيا" سلطة حكم التبت تحت إدارة أسرة يوان، وتم وضع سياسات
تنفيذية متنوعة
للتبت، فبدأت القومية المنغولية والتبتية وقومية هان تشكل كيانا سياسيا مشتركا مزدهرا اقتصاديا وثقافيا.
توارثت أسرة مينغ التي تأسست في أواخر القرن الرابع عشر الأنظمة المختلفة التي أدارت بها أسرة يوان التبت، وطبقت سياسة "كثرة البناء وكثرة منح الألقاب السياسية"، حيث منحت الزعماء الثمانية في المجالين السياسي والديني في مختلف مناطق التبت لقبا "الملك القانوني" أو "الملك"، فأصبحت التبادلات الاقتصادية والثقافية بين التبت وأواسط الصين أكثر، وتعززت العلاقات بين قومية التبت والقوميات الصينية الأخرى. بعد القرن السابع عشر، وحدت قومية مان كل الصين وأقامت أسرة تشينغ. في المرحلة الأولى من هذه الأسرة، أنعم البلاط الإمبراطوري على الدالاي لاما والبانتشان أردني باعتراف الحكومة المركزية، وعين مسؤولين محليين، وأنشأ منصب الوزير المقيم في التبت، وأصدر اللوائح الإمبراطورية حول نظام الحكومة التبتية المحلية وقوانينها، مما عزز حكمه للتبت، وتشكلت علاقة أوثق وأرسخ بين منطقة التبت وبين الوطن الأم. في أواخر فترة أسرة تشنيغ
في القرن التاسع عشر، اعتدت بريطانبا على التبت ، ضمن عدوانها
على بعض مناطق الصين الساحلية، وأفسدت العلاقات بين مختلف القوميات الصينية.
إضافة إلى ذلك، طبق البلاط الإمبراطوري الفاسد لاسرة تشينغ كثيرا من السياسات الخاطئة، فحدثت تناقضات بين حكومة التبت المحلية وبين السلطة المركزية بين حين وآخر. غير أن الصين، هذا الكيان السياسي الموحد المتكون من قوميات هان ومان
ومنغوليا وهوي والتبت وغيرها من القوميات لم يتغير.
وسجل أبناء التبت وهان ومنغوليا ومان وجيوشهم صفحة رائعة في سبيل مقاومة العدوان الامبريالي والدفاع عن الوطن جنبا إلى جنب. في الفترة ما بين أواخر فترة أسرة تشينغ وبداية فترة جمهورية الصين، أي
في أوائل القرن العشرين، بدأت بريطانيا ترعى
عناصر موالية لها من طبقة التبت العليا، ودبرت مؤتمر سيملا الرامي إلى فصل التبت من الصين، غير أنها
فشلت أمام معارضة القوى
الوطنية التبتية وأبناء شعب الصين، مما أبقى العلاقة بين حكومة جمهورية الصين في بكين وحكومة جمهورية الصين في نانجينغ وبين سلطة التبت المحلية على ما هي
عليه، ولم تتغير حقيقة ممارسة الصين سيادتها على التبت منذ فترة أسرة يوان.
في عام
1949، حققت حرب تحرير الشعب الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني انتصارا أساسيا في أرجاء البلاد.
قبل وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية بقليل، حرضت القوى الإمبريالية والتوسعية الأجنبية العناصر الانفصالية بالتبت لتسرع بخطى "استقلال التبت"، ومحاولة إيقاف تيار تحرير كل البلاد عند حدود التبت.أمام هذا الوضع، رأت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والرئيس ماو تسي تونغ أن "يدخل جيش تحرير الشعب الصيني التبت مبكرا أفضل من أن يدخلها متأخرا"، ووضعت سياسات تحرير التبت سلميا. طبق جيش تحرير الشعب الصيني والعاملون الذين دخلوا التبت
تلك السياسات بكل أمانة ووفاء، وحققوا نجاحا كاملا، فتحررت التبت سلميا في عام 1951، وطردت القوة الإمبريالية والتوسعية التي قيدت أبناء شعب التبت لمدة أكثر من نصف قرن. وطبقت الحكومة الشعبية سياسة جديدة حول الشؤون القومية، وبدأت مختلف القوميات تتمتع بحقوق المساواة بين القوميات لأول مرة، وتتكون أسرة الوطن التي تعيش فيها مختلف القوميات ومن ضمنها قومية التبت بالمساواة والتضامن والمحبة والتعاون بشكل تدريجي. بعد ثورة الإطاحة بنظام القن الإقطاعي وتحرير الأقنان ليكونوا سادة بلادهم، شهدت السياسة والاقتصاد والثقافة في التبت تطورا عظيما، وأقيمت فيها رسميا أول منطقة ذات حكم ذاتي إقليمي في جمهورية الصين الشعبية عام 1965 برغم حدوث تجاوزات
وأخطاء الثورة
الثقافية، نجاحات البناء أعظم من التعثرات، وشهدت التبت تطورا كبيرا في قوى الإنتاج
وتحسنا في حياة أبناء الشعب لا مثيل لهما في التاريخ. وأصبحت قوميات الصين الست والخمسون ، ومنها قومية التبت، جسدا
واحدا لا ينفصل دمه عن لحمه سياسيا واقتصاديا وثقافيا.
ما ذكر آنفا موجز عن للتاريخ
المسجل للعلاقات
بين قومية التبت والقوميات الصينية الأخرى لمدة أكثر من ألف عام، هو حقيقة تارخية موضوعية لا تقبل التغيير.
الرحالة الإيطالي المشهور ماركو
بولو زار الصين وقابل مؤسس أسرة يوان الصينية
قوبلاي خان
في القرن الثالث عشر، سجل في كتاب رحلته "مقاطعة التبت". وفي طبعتي "رحلة ماركو بولو" اللتين نشرتها شركة ماكميلان وشركة جون بنيويورك في عام 1927 وعام 1948، عيارة "مقاطعة التبت"، مما يدل على أن ماركو بولو قد أوضح أن التبت
إحدى
المقاطعات في الصين
قبل أكثر من 700 عام.
في كل من الخرائط من المجلد الثمن عشر
للموسوعة البريطانية التي نشرت بين عامي
1973 و1974، وكتاب
"أطلس وبسترز"
التي نشرتها الولايات المتحدة عام 1978، و"خرائط العالم الدولية" التي نشرتها الولايات المتحدة في ستينيات القرن العشرين، إذا كتب في خريطة واحدة الصين والتبت معا، كتبت كلمة "الصين"
بالخط الغليظ، بينما كتبت كلمة "التبت"" بالخط الرفيع. نفس الحال في خرائط مختلف البلدان.
كل ذلك يدل على أن كل العالم يعترف بأن التبت جزء من الصين.
مكانة التبت التاريخية
واضحة ومعروفة مثل مياه نقية أو سماء صافية.
لكن في السنوات الأخيرة، أيدت بعض القوى الأوروبية والأمريكية عددا قليلا من الناس يقودهم الدالاي لاما لإختلاق نظرية "استقلال التبت"، لتعكير المياه النقية وحجب السماء الصافية، مما جعل كثيرا من ذوي النوايا
الطيبة الذين لا يعرفون حقيقة الأمر يتحيرون.
تتمركز نظرية "استقلال التبت"
في كتاب
"تاريخ منطقة التبت السياسي"
الذي ألفه الأرستقراطي التبتي
شياقبا وانغتشينغ
و ديداين في الفترة ما بين ستينيات وسبعينيات القرن العشرين وفي كتاب "مكانة التبت" الذي ألفه الأمريكي من أصل هولندي مايكل سي
فان والت فان
براغ (المستشار القانوني
للدالاي لاما)، الآراء الرئيسية في هذين الكتابين كما يلي:
1.
نظرية عدم انتماء التبت إلى الصين؛
2. نظرية أن الصراع بين أسرة تانغ وتوبوه مضمون رئيسي في العلاقات بينهما؛
3. نظرية "انتقال مركز ثقل سياسة أسرة سونغ إلى الخارج"؛
4.. نظرية "العلاقة بين الواهب والموهوب فقط"؛
5. نظرية أن أسرة مينغ لم ترغب في التبت؛
6. نظرية كيان التبت السياسي؛
7. نظرية أن التبت لا تحتاج إلى التحرير؛
8. نظرية اعتداء الحزب الشيوعي الصيني على التبت؛
9. نظرية اعتداء الحزب الشيوعي الصيني على حقوق الإنسان؛
10. نظرية تقرير المصير القومي للتبت؛
11. نظرية أن الحكومة في المنفى شرعية. هذه هي النظريات الفرعية لنظرية استقلال التبت، وهي
أشبه بالمياه
الملوثة يعكرون بها مياه التاريخ النقية، وهي الضباب الذي يحجب سماء التاريخ الصافية.
تحب البشرية المياه النقية والسماء الصافية، وتحتاج إلى إزالة التلوث والضباب. وهدف هذه المقالة هو تنقية المياه العكرة، ليرى مزيد من الناس الطيبين المهتمين بمسالة التبت حقيقة مكانة التبت التاريخية من خلال المياه النقية والسماء الصافية.
|