نظرة عامة على طريق الحرير

طوال آلاف السنين التي سجل فيها الإنسان تاريخه، كان الشرق مصدرا لقائمة من السلع الثمينة هي الأكثر رواجا في تجارة العالم القديم، وبالإضافة إلى إنتاجهم لهذه السلع لعب سكان الشرق بقسميه الأقصى والأدنى دورا مهما في نقل هذه السلع الثمينة إلى المستهلكين لها في كل موقع من قارات العالم الثلاث المعروفة انذاك.

      وكان المحور العالمي الأكثر أهمية للتجارة الدولة في العالم القديم يمتد من الشرق إلى الغرب ويليه في الأهمية محور آخر يسير بعكسه من الغرب إلى الشرق، وقد نقلت التجارة المتداولة في هذين المحورين على طرق برية وبحرية أطلق عليها بعض الباحثين والأروبيين مسمى طرق الحرير، نسبة إلى الحرير الصيني الذي كان يعد انفس سلعة ينقلها التجار على هذه الطرق.

      كان لطرق الحرير المتجهة من الصين شرقا مساران رئيسيان:

      أحدهما شمالي وهو طريق الحرير البري الذي يبدأ في الصين وينتهي بأوروبا مارا ببلاد آسيا الوسطى والأناضول حتى ينتهي إلى انطاكيا على الشاطي الشرقي للبحر المتوسط حيث يواصل بحرا إلى ساحل إيطاليا منها يستمر برا إلى أسبانيا وبلاد أوروبا الغربية ، وتقع على هذه الطريق سلسلة كبيرة من المدن والعواصم العريقة استفادت من وجودها على مساره فكانت مراكز تجارية وحضارية مهمة اسهمت في التواصل الاقتصادي والثقافي بين الشعوب على مر التاريخ.

      واما المسار الآخر فيعرف بالمسار الجنوبي وهو طريق الحرير البحري الذي يبدأ من ميناء كانتون بالصين ويعبر بحار الصين ثم يلتف حول سواحل شبه القارة الهندية ليدخل في البحار المحيطة بالجزيرة العربية حيث يتفرع إلى فرعين أحدهما يتجه شمالا في مياه الخليج العربي ليصل إلى بلاد فارس وبلاد مابين النهرين، وفرع آخر يتجه غربا إلى مواحل اليمن والحبشة ثم يسلك البحر الأحمر ليصل إلى سواحل الحجاز ودول حوض البحر الأبيض المتوسط الواقعة في أوروبا وشمال أفريقيا.

      وتتفرع من هذين المسارين الرئيسين طرق فرعية كثيرة تذهب في جميع الاتجاهات فتصل إلى الأمم الواقعة إلى الشرق من الصين وإلى أقصى شمال أوروبا وأدغال أفريقيا. وعلى هذه الطرق كانت تنتقل إلى جانب البضائع الثقافات وأفكار والدعاة والرحالة والمكتشفون والمغامرون والباحثون عن الحقيقة، ولذلك فان طرق الحرير هي في حقيقتها طرق التجارة الدولية والحوار الحضاري بين الشعوب